النهر الجديد: مصر تنقل شريان الحياة إلى قلب الصحراء الغربية
حين يصبح المستحيل واقعا.. كيف تواجه مصر التحديات المائية بمشروع القرن؟
تخوض مصر واحدة من أعظم معاركها التنموية عبر مشروع "النهر الجديد"، الذي يُعد من أضخم المشروعات المائية والزراعية في تاريخ البلاد، وهو مشروع عملاق لا يهدف فقط إلى نقل المياه إلى عمق الصحراء الغربية، بل يرسم ملامح خريطة جديدة للتنمية المستدامة، ويعكس رؤية استراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية والمناخية، وعلى رأسها أزمة سد النهضة والفيضانات المتكررة.
مشروع وطني بحجم التحديات
يأتي "النهر الجديد" كاستجابة مباشرة للأزمات المتشابكة التي تواجهها الدولة المصرية، من بينها استمرار الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي، وتكرار موجات الفيضانات التي ضربت محافظات دلتا النيل مؤخرًا، كما حدث في المنوفية والبحيرة.
أمام هذه التحديات، شرعت الحكومة المصرية في إعادة هندسة الجغرافيا، من خلال إنشاء مسار مائي موازي للنيل، يبدأ من قنطرة فرع رشيد ويمتد لأكثر من 170 كيلومترًا حتى يصل إلى مناطق الدلتا الجديدة وشرق العوينات، مرورًا بمدينة الشيخ زايد.
معلومات عن "النهر الجديد"؟
"النهر الجديد" ليس مجرد قناة مائية، بل هو مشروع بنية تحتية متكامل، يشمل:
6 محطات رفع عملاقة مزودة بـ 14 مضخة في المحطة الأولى وحدها.
شبكة من الأنابيب المدفونة والقنوات المكشوفة بطول 500 كيلومتر.
خطوط تمر أسفل الطرق السريعة والسكك الحديدية بعمق يصل إلى 30 مترًا.
محطات تنقية وتحكم ذكي لتقليل الفاقد وضمان الإمدادات طوال العام.
يهدف المشروع إلى زراعة 2.8 مليون فدان من الأراضي البكر، وتحقيق نهضة زراعية تمتد إلى ما وراء وادي النيل، حيث يستفيد من مياه نهر النيل المعالجة في محطات مثل بحر البقر والمحسمة.
الأمن القومي في قلب المشروع
في ظل التحولات الجيوسياسية في حوض النيل، يمثل المشروع خط دفاع استراتيجي ضد أي تقليص محتمل لحصة مصر من المياه. إذ تعتبره الدولة أحد أعمدة استراتيجيتها للأمن المائي، إلى جانب:
تبطين الترع وتقوية القناطر.
تطوير السد العالي وصيانته الدورية.
الاستفادة من مفيض توشكى كمخرج آمن في حالات الفيضانات المفاجئة.
ما يميز "النهر الجديد" ليس فقط حجمه، بل التكنولوجيا والهندسة التي تقف خلفه. فقد تم تنفيذ المشروع بأيادٍ مصرية، من خلال شركات وطنية كبرى مثل حسن علام، السويدي، أوراسكوم، الغرابلي، وكونكورد، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وقد واجه المشروع تحديات ضخمة، مثل رفع المياه لأراضٍ أعلى من مستوى النيل، وهو ما تطلب حلولًا هندسية متقدمة ومحطات ضخ بقدرات غير مسبوقة.

