باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

من العريش إلى غزة.. مصر تكتب فصلا جديدا في دبلوماسية الميدان

علم مصر
علم مصر

في مشهد تتقاطع فيه الجغرافيا بالسياسة، والإنسانية بالأمن القومي، جاء اختيار مدينة العريش كمركز للجهود المصرية تجاه قطاع غزة خطوة تحمل أكثر من معنى، فالعريش لم تُختَر صدفة، بل جاءت لتجسّد رؤية الدولة المصرية في إدارة الأزمات من قلب الميدان، ولتبعث برسائل واضحة إلى الداخل والخارج، بأن سيناء ليست ساحة بديلة، ومصر حاضرة بسيادتها ودورها الإقليمي والإنساني في آنٍ واحد.

أولًا: العريش.. جدار صد في وجه مخطط التهجير

أول ما تعلنه مصر من خلال تمركزها في العريش هو رفض التهجير بكل أشكاله. فكل اجتماع يُعقد هناك، وكل قافلة مساعدات تنطلق منها، وكل زيارة لمسؤول دولي تمر عبرها، هي بمثابة بيان ميداني يؤكد أن سيناء ليست أرضًا بديلة، ولا يمكن أن تكون "مخيمًا كبيرًا" للفلسطينيين كما حاول البعض الترويج.

اختيار العريش، وليس القاهرة، مركزًا للجهود هو تجسيد عملي للسيادة المصرية على حدودها الشرقية، ورسالة واضحة بأن الدولة حاضرة بسيادتها وبقرارها من الميدان ذاته، لا من خلف الأسوار أو عبر التصريحات.

ثانيًا: محور إنساني عالمي من قلب سيناء

منذ الأشهر الأولى للحرب على غزة، أصبحت العريش المنفذ الإنساني الأول للعالم نحو القطاع المحاصر.
مخازن المساعدات، طائرات الإغاثة، المستشفيات المجهزة لاستقبال الجرحى، ووفود المنظمات الدولية... جميعها تحوّلت إلى مشهد إنساني مصري خالص، يجمع بين الحس الإنساني والانضباط المؤسسي.

في الوقت الذي اكتفى فيه العالم بالبيانات، كانت مصر تُدير الميدان.
أطباء مصريون يعالجون المصابين في مستشفيات العريش، وجنود ينظمون دخول الشحنات، ومسؤولون يتابعون من قلب الحدث.
هي إدارة أزمة على الطريقة المصرية: صلبة إنسانيًا، ومنظمة سياسيًا، ومعبّرة عن روح الدولة التي تعرف معنى الجوار والتاريخ.
 

ثالثًا: مصر تعود إلى موقعها الطبيعي كوسيط وضامن

التحركات في العريش  حملت أيضًا مضمونًا سياسيًا واضحًا.
فمن العريش، تُدار اللقاءات والاتصالات الخاصة بوقف إطلاق النار، وبحث ملفات الهدنة وتبادل الأسرى، واستطلاع ملامح ما بعد الحرب.
وهذا يعني أن مصر لا تتحرك من موقع “المساعد”، بل من موقع اللاعب المركزي الذي لا يمكن تجاوز دوره في أي صيغة للحل.

إن وجود الأنشطة الدبلوماسية والإنسانية على أرض العريش هو إعلان ميداني لدور مصر التاريخي في إدارة الصراع، ورسالة للعالم بأن القاهرة لا تتخلى عن مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية، بل تمارسها من أقرب نقطة تماس مع المعاناة.

رابعًا: دلالات الأمن القومي ووحدة الصف الوطني

اختيار العريش مركزًا لهذه التحركات أيضًا رسالة داخلية, يؤكد أن سيناء بكل مدنها جزء فاعل من منظومة الدولة، وأنها اليوم تعيش مرحلة جديدة من الحضور والفاعلية بعد عقود من الحرب والإهمال.

كما أن التلاحم بين الموقف الرسمي والشعبي في رفض التهجير وإسناد الفلسطينيين من أرض سيناء، هو صورة أخرى لوحدة الوجدان المصري.

تم نسخ الرابط