غزة بين نزع السلاح والإعمار.. ماذا بعد خطة ترامب؟

بعد نحو عامين من القتال الدامي في قطاع غزة، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بثقله في ملف الشرق الأوسط معلناً عن خطة جديدة لوقف الحرب، خلال مؤتمر صحفي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
الخطة التي حملت توقيع ترامب وبدت وكأنها مصممة على مقاس التعقيدات الإقليمية، تجمع بين وقف فوري لإطلاق النار، ترتيبات أمنية صارمة، إعادة إعمار واسعة، وإدارة انتقالية دولية للقطاع، لكن السؤال الأبرز الذي يتردد في الأروقة السياسية يبقى هل تكفي هذه البنود لإنتاج سلام حقيقي أم مجرد هدنة مؤقتة؟
وقف النار مقابل الرهائن
الوثيقة تنص على أن الحرب ستتوقف فور إعلان إسرائيل وحماس موافقتهما العلنية، وفي غضون 72 ساعة، يُعاد جميع الرهائن الإسرائيليين أحياء وأموات مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بالمؤبد.
بهذه المعادلة تسعى واشنطن إلى كسر الجمود، لكنها في الوقت نفسه تُبقي الخطة مرهونة بالثقة بين عدوين لم يختبرا سوى الدماء والدمار.
غزة منزوعة السلاح
الشق الأمني في المبادرة يشكّل حجر الزاوية: غزة ستصبح "منطقة منزوعة السلاح"، تُدمّر فيها أنفاق حماس ومنشآت السلاح، ويُمنح عناصرها خياران، هما التخلي عن السلاح مقابل العفو، أو الخروج الآمن إلى دول أخرى.
وفي المقابل، لن تضم إسرائيل القطاع ولن تحتله، لكنها ستحتفظ بمسؤولية أمنية مؤقتة إلى حين انتشار قوة دولية بدعم من مصر والأردن.
إدارة انتقالية تحت "مجلس سلام"
واحدة من أكثر النقاط إثارة للجدل في الخطة هي إدارة غزة. فبدلاً من عودة السلطة الفلسطينية أو بقاء حماس، تقترح واشنطن لجنة فلسطينية تكنوقراطية محلية بإشراف "مجلس سلام" دولي يرأسه ترامب نفسه، بعضوية شخصيات عالمية مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
بهذا الطرح، تحاول الخطة تجاوز الانقسام الفلسطيني، لكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام سؤال سيادي: من يحكم غزة فعلياً؟
الإعمار والتنمية
من بين البنود الأكثر جاذبية لسكان القطاع: إدخال مساعدات عاجلة فوراً، تشمل الكهرباء والمياه والمستشفيات والمخابز، إلى جانب إطلاق خطة اقتصادية واسعة لإعادة الإعمار، وإنشاء منطقة اقتصادية خاصة تجذب الاستثمارات وتعيد تشغيل عجلة الحياة.
المواقف المتباينة
إسرائيل: نتنياهو وصف الخطة بأنها تحقق أهداف الحرب – استعادة الرهائن، إنهاء حكم حماس، وضمان ألا تعود غزة تهديداً – لكنه أكد أن الانسحاب الإسرائيلي مشروط بمدى التقدم في نزع سلاح المقاومة.
حماس، قالت إنها ستدرس المقترح "بحسن نية"، لكنها ربطت سلاحها بحق إقامة الدولة الفلسطينية.
الجهاد الإسلامي، رفضت الخطة تماماً، ووصفتها بأنها "اتفاق أميركي-إسرائيلي لتفجير المنطقة".
السلطة الفلسطينية، رحبت بالمبادرة لكنها طالبت بتسوية تنتهي بدولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود 1967.
المواقف العربية: مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات وتركيا وباكستان وإندونيسيا عبرت عن ترحيب مشروط، مؤكدين رفض التهجير ودعم حل الدولتين.
الغرب: فرنسا وبريطانيا وألمانيا وصفوها بـ"فرصة تاريخية"، فيما اعتبرها توني بلير "خطة شجاعة وذكية".