55 عامًا على رحيل عبد الناصر.. الزعيم الذي مات جسدًا وعاش فكره

خمسة وخمسون عامًا مرت على رحيل جمال عبد الناصر، وما زال اسمه مثار جدل بين مؤيد يراه بطلاً قوميًا ومخالف يراه زعيمًا حالِمًا، لكن الحقيقة التي لا ينكرها أحد، أنه كان رقمًا صعبًا في معادلة القرن العشرين، ليس في مصر وحدها، بل في العالم العربي كله.
من الإسكندرية إلى التاريخ
في 15 يناير 1918 وُلد عبد الناصر لأسرة مصرية متوسطة، ليخرج من شوارع الإسكندرية وأزقة القاهرة طالبًا يشارك في مظاهرات 1935 ضد الاحتلال البريطاني، ثم ضابطًا يتخرج في الكلية الحربية عام 1938، حاملاً بذور مشروعه الذي سيغير وجه مصر والمنطقة.
الثورة وبداية الجمهورية
مع رفاقه في تنظيم الضباط الأحرار، رسم ناصر طريقًا لإسقاط النظام الملكي، فجاءت ثورة 23 يوليو 1952 لتضع نهاية لعصر وبداية آخر. لم تكن الثورة مجرد تغيير في السلطة، بل كانت إعلانًا لولادة الجمهورية وميلاد زعيم اختاره القدر لمواجهة تحديات جسام.
قناة السويس.. لحظة المجد
عام 1956، دوّى قرار تأميم قناة السويس كالصاعقة في عواصم الغرب. لم يكن قرارًا اقتصاديًا فقط، بل إعلانًا بأن مصر تملك قرارها. وجاء العدوان الثلاثي ليؤكد أن المواجهة لم تكن سهلة، لكن الانتصار السياسي الذي حققه ناصر رفعه إلى مصاف القادة الكبار، ورسّخ صورته كزعيم تحدى الاستعمار وانتصر لإرادة شعبه.
السد العالي وحلم التنمية
في الداخل، جسّد السد العالي طموح عبد الناصر لبناء مصر جديدة، تعتمد على التنمية الزراعية والصناعية. أما خارجيًا، فقد تجاوز حلمه حدود مصر إلى مشروع وحدة عربية، تمثلت في الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، التي وإن لم تُعمر طويلًا، إلا أنها كشفت عن روح زعيم آمن بأن الأمة العربية كيان واحد.
النكسة والعودة
جاءت نكسة يونيو 1967 كأصعب لحظة في مسيرته. واجه الشعب بصدق وشجاعة معلنًا التنحي، لكن الملايين خرجت ترفض رحيله وتطالبه بالبقاء. كانت تلك اللحظة شهادة على أن الزعامة لا تُفرض، بل تُمنح من الجماهير.
رحيل وبقاء
في 28 سبتمبر 1970، توقف قلب عبد الناصر بعد قمة عربية حافلة بالقضايا، لكن إرثه لم يتوقف. بقي حاضرًا كرمز للكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية، وزعيمًا ألهم أجيالًا من العرب في مواجهة الاستعمار والتبعية.
55 عامًا مضت، وما زال عبد الناصر حيًا في ذاكرة الشعوب، بقدرته على أن يكون رمزًا للتحرر، ودليلًا على أن الزعامة ليست مجرد منصب، بل فكرة تعيش ما عاش أصحابها أو غابوا.