باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

سُنّة نبوية تُعين أبناءك على الاستيقاظ للمدرسة بنشاط كامل ليومهم الدراسي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

مع بداية العام الدراسي الجديد، تعود معاناة الأمهات والآباء في إيقاظ أبنائهم للمدرسة، خاصةً بعد إجازة صيفية طويلة يختلط فيها الليل بالنهار، فيسهر الصغار حتى ساعات متأخرة، ويجدون صعوبة في الاستيقاظ صباحاً وبينما يبحث كثير من الأهالي عن حلول سحرية أو وصفات سريعة لزرع النشاط في نفوس أبنائهم، نجد أن النبي محمدًا  صلى الله عليه وسلم  سبقنا إلى هذا الأمر، فوضع لنا منهجًا ربانيًا عظيمًا من خلال سنن وأذكار قبل النوم، تُسهم في تهدئة النفس، وراحة الجسد، وتجديد الطاقة مع إشراقة كل صباح.

في هذا التقرير يرصد موقع تفصيلة تلك الوصايا النبوية، ويكشف أثرها في حياة المسلم، مع التطرق للأدلة الشرعية التي تحث على الالتزام بها، باعتبارها زادًا روحيًا وصحيًا يساعد على مواجهة مشقة الدراسة والعمل، بل والحياة بأكملها.

من أعظم الوصايا النبوية ما رواه الإمام البخاري عن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه  أن فاطمة  رضي الله عنها  جاءت تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم خادمًا يعينها على أعباء البيت، فقال لها: «ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمدا الله ثلاثًا وثلاثين، وكبرا الله أربعًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم».

هذه الكلمات الثلاث: "سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر" هي مفاتيح النشاط، ووصية خالدة من الرسول الكريم، تفتح للإنسان أبواب الراحة الجسدية والنفسية، وتجعله يبدأ يومه بهمة وقوة وقد أثبتت التجربة أن من واظب عليها شعر بخفة في بدنه، وسعة في رزقه، وبركة في وقته.

سنن النبي قبل النوم

النوم في الإسلام ليس مجرد عادة جسدية، بل هو عبادة وسلوك منظم، يدخل في إطار الاقتداء بالهدي النبوي، فقد أرشدنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم إلى جملة من السنن التي كان يحافظ عليها قبل نومه، ومنها:

1. الوضوء قبل النوم: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن» (رواه البخاري).


2. النوم على الشق الأيمن، ووضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن، وهو ما يحقق راحة للجسد ويُشعر بالسكينة.


3. السلام على الأهل وذكر الله، تأكيدًا على قيمة المودة في البيت المسلم.


4. قراءة آيات من القرآن: مثل آية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسور الإخلاص والمعوذتين.


5. النفث في الكفين ومسح الجسد بعد قراءة السور الثلاث، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه السنن ليست مجرد عادات، بل هي تربية للنفس على الطهارة والسكينة، وتحصين للجسد والروح من وساوس الشيطان.


أذكار النوم.. حصن المسلم حتى الفجر

وردت أذكار عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم تُقال قبل النوم، وهي في جوهرها دعاء بالحفظ والعافية، واستوداع للنفس بين يدي الله تعالى ومن أبرز هذه الأذكار:

«اللَّهُمَّ إنِّي أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» (رواه البخاري).

«اللَّهُمَّ إنك خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها».

هذه الأذكار تمثل حصنًا منيعًا يملأ القلب طمأنينة، ويُبعد عن الإنسان القلق والتوتر الذي يسبب الأرق، مما ينعكس مباشرة على جودة النوم، وبالتالي النشاط عند الاستيقاظ.

فضل قراءة القرآن قبل النوم

القرآن الكريم هو أنيس المؤمن في ليله ونهاره، وقد جاءت نصوص كثيرة تحث على قراءته قبل النوم:

آية الكرسي: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي حين يأوي إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح» (رواه البخاري).

آخر آيتين من سورة البقرة: قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» (رواه مسلم).

المعوذتان والإخلاص: تحصين للبدن والروح من الشرور.

وهذه النصوص تعكس أن النوم ليس غفلة، بل هو عبادة متجددة، تُفتتح بذكر الله وتُختتم بتسبيحه وحمده.

فوائد روحية وصحية للأذكار النبوية

علم النفس الحديث يؤكد أن النوم الهادئ المسبوق بالتأمل والدعاء يُحسن جودة النوم، ويزيد من النشاط الذهني والبدني عند الاستيقاظ وهنا نرى انسجامًا عجيبًا بين الطب الحديث والهدي النبوي:

الجانب الروحي: الطمأنينة التي يمنحها الذكر تجعل النوم هادئًا بلا قلق.

الجانب النفسي: ترديد كلمات التسبيح والتحميد والتكبير يساعد على صفاء الذهن.

الجانب الجسدي: النوم على طهارة وبوضعية صحية (الشق الأيمن) يساهم في تنشيط الدورة الدموية ويقي من اضطرابات النوم.


الأبناء والمدرسة.. كيف نغرس فيهم هذه السنن؟

التحدي الأكبر أمام الأسر اليوم هو إقناع الأبناء بالالتزام بهذه الوصايا النبوية وهنا يأتي دور المربين والأمهات والآباء:

التربية بالقدوة: أن يحرص الوالدان على تطبيق الأذكار أمام أبنائهم.

التكرار اليومي: ربط الأذكار بعادة النوم بشكل ثابت.

التحفيز: توضيح أن هذه الأذكار تمنحهم القوة والنشاط، فيشعر الطفل أن لها أثرًا عمليًا في حياته.

وبهذا يتحول وقت النوم إلى ساعة تربوية وروحية، تمزج بين العبادة والاستعداد للحياة اليومية.

سر النشاط بين يديك

إن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم قبل النوم ليست مجرد نصوص للبركة، بل هي منهج حياة متكامل يجمع بين العبادة والصحة النفسية والجسدية ومن التزم بها وجد أثرها في يومه نشاطًا وهمةً، وفي قلبه طمأنينة وسكينة، وفي دنياه بركة وتوفيقًا.

فلتكن بداية العام الدراسي فرصة حقيقية للأسر المسلمة لإحياء هذه السنن، وتربية الأبناء عليها، لتصبح عادة يومية راسخة فالذكر مفتاح السعادة، والتسبيح دواء القلوب، ومن سار على درب النبي صلى الله عليه وسلم وجد النشاط في جسده، والطمأنينة في قلبه، والبركة في حياته.

تم نسخ الرابط