رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

هل حان وقت الشركات الصغيرة لتتفوّق على عمالقة وول ستريت؟

تفصيلة

منذ مطلع عام 2025، شكّلت الشركات ذات رؤوس الأموال الصغيرة (Small Caps) موضوعاً محورياً للنقاش بين صناديق التحوط ومديري الأصول حول العالم. غير أنّ التهديدات المتكررة بفرض رسوم جمركية من قِبل إدارة ترامب، إلى جانب التعثرات الاقتصادية الكلية مثل ارتفاع معدلات التضخم وتوقعات البطالة، حالت دون تحقّق موجة صعود مرتقبة في أسهم هذه الفئة.

وبالنظر إلى الأداء منذ بداية العام، فقد ارتفع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة الأميركية بنسبة تقارب 7.2% حتى وقت كتابة التقرير، في حين صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 10.3% مسجلاً مستويات قياسية تاريخية.

وهذا يثير التساؤل الطبيعي: هل ستتمكّن الشركات الصغيرة أخيراً من التفوّق على السوق الأوسع نطاقاً؟

لكي يشهد سهم أي شركة ارتفاعاً ملموساً، لا بد أولاً من أن ترتكز الشركة على أساسيات مالية قوية تنعكس على أدائها التشغيلي.

ووفقاً لتقديرات بنك باركليز، شكّلت تكاليف الفائدة في مؤشر راسل 2000 خلال الأشهر الاثني عشر الماضية ما يزيد قليلاً على نصف الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب (EBIT)، مقابل نحو 10% فقط في مؤشر ستاندرد آند بورز 500. وهذا يعني أنّ عبء الفوائد يُعد بنداً جوهرياً بالنسبة لهذه الشركات. ووفقاً لـ«بلاك روك»، فإن نحو 33% من شركات راسل 2000 تموّل ديونها بأسعار فائدة متغيرة، مقارنة بـ 6% فقط من شركات ستاندرد آند بورز 500، ما يجعل أي خفض للفائدة – مثل الخفض المتوقع في اجتماع سبتمبر – ذا أثر إيجابي بالغ عليها.

حالياً، تتراوح أسعار الفائدة الأميركية بين 4.25% و4.5%، وتشير عقود العقود الآجلة وفقاً لاجتماع 16–17 سبتمبر إلى احتمالية بنسبة 86% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.

في عام 2024، بلغت تكاليف الفائدة نحو 36% من الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك (الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب لشركات «راسل 2000» (باستثناء القطاع المالي)، أي ما يعادل 71 مليار دولار من إجمالي الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك البالغ 196 مليار دولار. وبافتراض تكلفة دين تبلغ 5%، فإن خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس سيقلّص هذه التكاليف إلى 67 مليار دولار، أي ما نسبته 34% من الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك.


ينص التشريع المعروف بـ(One Big Beautiful Bill) على السماح بخصم الفوائد الضريبية حتى 30% من الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، مقارنة بالقواعد الحالية التي تحدد الخصم عند 30% من الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب فقط. وبما أنّ شركات القطاع الصناعي تشكّل نسبة كبيرة من مكونات راسل 2000، وغالباً ما تتحمّل هذه الشركات مستويات مرتفعة من الإهلاك والاستهلاك، فإن الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك لديها يكون أكبر بكثير من الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب، ما يتيح لها خصومات ضريبية أعلى على الفوائد.

فعلى سبيل المثال، في عام 2024 (باستثناء القطاع المالي)، بلغت الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك نحو 196 مليار دولار مقابل الأرباح التشغيلية قبل الفوائد والضرائب قدره 87 مليار دولار، نتيجة مصروفات إهلاك واستهلاك بلغت 109 مليارات دولار.


يمكن تفسير الفجوة في العوائد بين «مؤشر ستاندرد آند بورز 500» و«مؤشر راسل 2000»، إلى جانب العوامل الاقتصادية الكلية، من خلال الاختلاف في الانكشاف القطاعي. إذ يتكوّن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بشكل أساسي من قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 35%، يليه القطاع المالي بنسبة 13%، ثم قطاع السلع الاستهلاكية الكمالية بنسبة 11%.

أما «مؤشر راسل 2000»، فتتوزع مكوناته بواقع 20% للقطاع الصناعي، 18% للقطاع المالي، و15% لقطاع الرعاية الصحية.

وعليه، فإن أداء الشركات الصغيرة في المرحلة المقبلة يعتمد على قدرة هذه القطاعات الثلاثة (الصناعي، المالي، والرعاية الصحية) على اللحاق بقادة قطاعات البرمجيات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. لكن يبقى السؤال: هل ستنجح؟

تتسم الشركات الصغيرة بارتباط أوثق بالاقتصاد الأميركي، إذ لا يتجاوز نصيب الإيرادات الخارجية لديها 20%، مقابل 40% لشركات «ستاندرد آند بورز 500». وتُعد مبادرات إعادة توطين سلاسل التوريد والاستثمارات في تعزيز مرونتها عوامل داعمة لدورة إنفاق رأسمالي تصب في مصلحة الشركات الصغيرة المتمركزة محلياً، وهو ما يشهده الواقع حالياً في ظل إدارة ترامب.

فمنذ توليه السلطة، ضخّت الإدارة الأميركية استثمارات تريليونية في التصنيع والإنتاج والابتكار المحلي. على سبيل المثال، أعلنت (Apple) عن استثمار بقيمة 600 مليار دولار في التصنيع الأميركي وتدريب الكفاءات، فيما دشّن تحالف يضم (SoftBank) اليابانية و(OpenAI) و(Oracle) الأميركية مشروعاً بقيمة 500 مليار دولار لتطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة. كما انضمت شركات كبرى مثل (NVIDIA) و(Micron Technology) و(IBM) و(TSMC) إلى موجة الاستثمارات. وبإجمالي استثمارات محلية وأجنبية من أربع دول مختلفة، بلغت التدفقات نحو 5.2 تريليون دولار منذ 20 يناير 2025، وهو ما يُتوقع أن ينعكس إيجاباً على إيرادات الشركات الصغيرة.


رغم الارتفاع الأخير، ما زال مؤشر راسل 2000 يُعد أقل سعراً نسبياً، ما يجعل أي زيادة في الأرباح المتوقعة قادرة على دفع أسعار الأسهم إلى مستويات أعلى. ويُتداول حالياً عند مضاعف ربحية يفوق 23 مرة للأرباح المتوقعة خلال 12 شهراً مقبلة، أي أعلى بنحو 6% فقط من مضاعف ستاندرد آند بورز 500 البالغ 22 مرة، وهو فارق طفيف. تاريخياً، حقق راسل 2000 متوسط علاوة تزيد على 30% مقارنة بستاندرد آند بورز 500 خلال العقد الماضي، وفق بيانات (FactSet).


من ناحية أخرى، يُظهر الأداء أنّ نحو 80% من مديري الصناديق النشطة يفشلون في التفوق على مؤشراتهم المرجعية السلبية. وبالتالي، قد يكون الاستثمار عبر الصناديق المتداولة السلبيـة (Passive ETFs) أكثر جدوى للمستثمرين. ويظهر ذلك جلياً من خلال مقارنة الأداء بين صناديق مثل IWM وVB (سلبية الإدارة) و(AVSC) و(TMSL) و(SMLL) (نشطة الإدارة).

فقد تبيّن أنّ صندوقاً واحداً فقط من بين الثلاثة النشطة (TMSL) نجح في التفوق على الصناديق السلبية، علماً أنّه صندوق يجمع بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وليس صندوقاً خالصاً للشركات الصغيرة.

...

فيجاي فاليشا.. الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة «سنشري فاينانشال» نقلا عن «إرم»

 

تم نسخ الرابط