تكتيكات بوتين الجديدة تربك أوكرانيا.. ومفاوضات ألاسكا تعيد رسم خريطة الحرب

فيما تتجه الأنظار إلى قاعات المفاوضات بين واشنطن وموسكو، تكشف التطورات الميدانية في أوكرانيا عن تحول لافت في تكتيكات الجيش الروسي.
فبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، لم يعد بوتين يعتمد على الهجمات الواسعة ولا على الآليات الثقيلة التي سرعان ما تُستهدف بالطائرات المسيّرة، بل لجأ إلى أسلوب "التسلل البطيء"، حيث تتحرك مجموعات صغيرة من الجنود الروس لانتزاع عشرات أو مئات الأمتار في كل هجوم، في محاولة لاستنزاف الدفاعات الأوكرانية وإجبار كييف على التفاوض من موقع أضعف.
تكتيك روسي متدرج
تقول الصحيفة إن الجيش الروسي طوّر تكتيكاته على مدار أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، بحيث بات يركز على المكاسب الصغيرة التي تُقاس بالمتر لا بالكيلومتر.
هذه الطريقة، رغم بساطتها، أثبتت فعاليتها في إنهاك القوات الأوكرانية الأكثر خبرة، خصوصًا مع استمرار الاعتماد المكثف على أسراب الطائرات المسيّرة التي ترصد أي تحرك في الخطوط الأمامية، وتجعل الهجمات الكبيرة محفوفة بالخسائر.
وأكدت الصحيفة أن القوات الروسية نجحت هذا الشهر في إحراز تقدم ملموس في منطقة دونيتسك، وهو ما يثير مخاوف من إمكانية انهيار بعض خطوط الدفاع الأوكرانية إذا استمر الضغط بالوتيرة نفسها.
سباق مع الزمن
قال الجنرال الأوكراني أوليكساندر سيرسكي إن القوات الروسية تكثف هجماتها في شمال دونيتسك، بينما أوضح العقيد دميترو باليسا أن بوتين يسابق الزمن قبل أن تفرض المفاوضات أي تسوية، معتبرًا أن "الكرملين يريد أكبر قدر من الأرض على الطاولة، بغض النظر عن عدد الجنود الروس الذين يسقطون".
وبحسب نيويورك تايمز، تدرك موسكو أن كل متر يتم الاستحواذ عليه الآن قد يُترجم لاحقًا إلى ورقة تفاوضية في أي اتفاق سلام، خصوصًا أن بوتين أقنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال قمة ألاسكا الأخيرة، بأن منطقة دونباس يجب أن تُمنح لموسكو ضمن أي صفقة لإنهاء الحرب.
قمة بلا اختراق
ورغم اللقاء الذي جمع ترامب وبوتين في ألاسكا يوم 15 أغسطس، لم ينجح الطرفان في إعلان اختراق سياسي واضح، لكن مصادر دبلوماسية غربية حذرت من أن موسكو تسعى إلى فرض أمر واقع على الأرض قبل أي تسوية نهائية.
ويشير محللون إلى أن هذا الأسلوب يعكس عقلية بوتين القائمة على "الإنهاك المتدرج" للخصوم، سواء في الميدان أو في السياسة، إذ لا يمانع في دفع تكلفة بشرية عالية مقابل ترسيخ مكاسب إقليمية تبقى في يد روسيا لعقود طويلة.
ماذا بعد؟
مع تراجع قدرة أوكرانيا على صد جميع التوغلات، وتنامي الضغط السياسي على كييف من جانب واشنطن وأوروبا، يبدو أن الحرب تدخل مرحلة جديدة، عنوانها: مكاسب ميدانية روسية صغيرة.. لكنها سياسية ضخمة على طاولة المفاوضات.