من الاعتداء إلى الاعتذار.. خيوط الإخوان الخفية في هولندا

في الوقت الذي أعلنت فيه مصر استنكارها الشديد للاعتداء الذي استهدف سفارتها في لاهاي، وطالبت السلطات الهولندية بتحمل مسؤولياتها في توفير الحماية، تكشف "تفصيلة" عن معطيات جديدة تشير إلى ضلوع عناصر مرتبطة بجماعة الإخوان في تدبير الهجوم.

حادث فردي أم تحرك منظم؟

وزارة الخارجية المصرية أكدت أن الوزير بدر عبد العاطي أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الهولندي كاسبر فيلدكامب، عبّر خلاله عن "الاستياء البالغ"، وطالب بتوفير ضمانات أمنية تحول دون تكرار الاعتداء. 

من جانبها، سارعت هولندا إلى الاعتذار ووصفت ما جرى بأنه "حادث فردي"، غير أن مصادر دبلوماسية تحدثت لـ"تفصيلة" كشفت عن معطيات مغايرة.

خلايا ضغط ناعمة

وفقًا لمعلومات حصلت عليها "تفصيلة" من مصدر دبلوماسي، فإن مجموعة صغيرة من الشبان الذين شاركوا في الاعتداء ينتمون إلى شبكة مرتبطة بمؤسسات إخوانية تنشط في هولندا منذ سنوات، تحت غطاء جمعيات خيرية ومراكز ثقافية. 

وأوضح المصدر أن هذه الشبكة تتحرك بتمويل غير مباشر من كيانات استثمارية تُستخدم كواجهات للتنظيم، وتستغل ملف غزة ذريعة لتأجيج مشاعر الغضب ضد مصر.

أهداف أبعد من غزة

التقديرات تشير إلى أن ما جرى لم يكن عفويًا، بل محاولة لإيصال رسائل سياسية في أكثر من اتجاه:

الضغط على القاهرة بسبب مواقفها من الوساطة في غزة.

إظهار أن للإخوان حضورًا وتأثيرًا في قلب أوروبا.

إرباك العلاقات المصرية – الأوروبية عبر استهداف السفارة كمؤسسة سيادية.

الاعتذار الهولندي... ومحاولة احتواء

الوزير الهولندي أعرب خلال مكالمته مع عبد العاطي عن "بالغ الأسف"، وتعهد بتشديد الإجراءات الأمنية حول البعثة المصرية، مؤكدًا التزام بلاده بالاتفاقيات الدولية، وواصفًا العلاقات بين القاهرة ولاهاي بأنها "وثيقة وتقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".

لكن مصادر دبلوماسية مصرية رأت أن وصف الحادث بـ"الفردي" محاولة لتخفيف تداعيات ما بات يُعرف داخل الأوساط الأوروبية بـ"خلايا الضغط الناعمة"، وهي شبكات مرتبطة بالإخوان تستثمر حرية العمل المدني لتمرير أجندات سياسية.

الحماية مسؤولية الدولة المضيفة

شدد عبد العاطي على أن القانون الدولي يُلزم الدولة المضيفة بتأمين البعثات الدبلوماسية، محذرًا من أن استمرار مثل هذه الاختراقات قد يفرض على مصر اتخاذ إجراءات من جانبها.

السياق الإقليمي

يأتي الحادث بينما تلعب القاهرة دورًا محوريًا في التفاوض لوقف إطلاق النار في غزة. 

وقد أطلع وزير الخارجية المصري نظيره الهولندي على نتائج زيارته لمعبر رفح برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، مؤكدًا أن مصر تبذل جهودًا متواصلة لإدخال المساعدات ووقف الحرب.

كما طالب الجانب الهولندي باستثمار موقعه داخل الاتحاد الأوروبي للضغط من أجل "وقف الكارثة الإنسانية"، مشيرًا إلى التحضيرات الجارية لمؤتمر إعادة إعمار غزة الذي ستستضيفه مصر فور التوصل إلى اتفاق.