جنوب إفريقيا تتجه نحو الصين لتخفيف آثار الرسوم الأمريكية وتوسيع أسواق صادراتها

تسعى جنوب إفريقيا، التي تعد أكبر اقتصاد متطور في القارة السمراء، لاتخاذ خطوات تجارية لمواجهة تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وارداتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال التوجه إلى الصين لفتح آفاق تجارية جديدة.
وتأتي هذه الخطوة بعد فرض إدارة ترامب رسوما جمركية بنسبة 30% على السلع الجنوب إفريقية إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعد ضربة قوية عززت الحاجة الملحة لدى بريتوريا لتنويع وجهات صادراتها.
وبحسب ما نقلته منصة "بزنس أفريكا"، كشف وزير الزراعة في جنوب إفريقيا جون ستينهايسن مؤخرا عن اتفاق تجاري جديد مع الصين بات على وشك الاكتمال، ليمنح بلاده شريان نجاة في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية مع أكبر شريك لها في الغرب.
وبحسب الوزير، فإنه تم التوصل إلى بروتوكول الاتفاق خلال زيارته الأخيرة إلى بكين برفقة نائب رئيس جنوب إفريقيا بول ماشاتيله، مشيرا إلى أن الاتفاق سيغطي في مرحلته الأولى تصدير خمس فواكه تشمل البرقوق، الخوخ، النكتارين - نوع من الفاكهة قريب من الخوخ، المشمش، والبرقوق المجفف إلى الصين.
وأضاف ستينهايسن في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس": "بعد زيارتنا الأخيرة للصين ولقائي مع الإدارة العامة للجمارك الصينية، حصلنا على البروتوكول الخاص بالفواكه"، لافتا إلى أن الاتفاق "يمهد الطريق لدخول الفواكه من جنوب إفريقيا إلى السوق الصينية".
ويهدف الاتفاق إلى تمكين جنوب إفريقيا من الوصول إلى سوق الاستيراد الزراعي الضخم في الصين، ليس فقط للتخفيف من أثر الرسوم الأمريكية، بل أيضا لتعزيز حضورها في الاقتصاد الآسيوي الأوسع.
يأتي ذلك، في تطور يمثل محطة مهمة في مساعي جنوب أفريقيا لإعادة صياغة علاقاتها التجارية، بما يوازن بين العلاقات التقليدية مع الغرب من جهة، وجاذبية الاقتصادات الصاعدة في الشرق من جهة أخرى، وفقا لـ"بزنس أفريكا".
وحافظت بريتوريا لعقود على علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة، مستفيدة من اتفاقيات مثل "أجوا"، التي منحتها وصولا تفضيليا إلى الأسواق الأمريكية، لكن قرار ترامب بفرض رسوم شاملة بنسبة 30% على السلع الجنوب إفريقية سرع من جهود البلاد للبحث عن أسواق بديلة، ما دفعها لتعميق انخراطها مع القوى الاقتصادية الصاعدة.
وتتميز جنوب أفريقيا بمناخ معتدل ووديان خصبة تجعلها موردا رئيسيا لفواكه موسمية معاكسة لتلك في نصف الكرة الشمالي، فهي ثاني أكبر مصدر عالمي للحمضيات بعد إسبانيا، كما تصدر كميات كبيرة من التفاح والعنب، إلى جانب نمو متزايد في صادرات فواكه مثل الأفوكادو والتوت الأزرق.
وفي عام 2024 ارتفعت صادرات الفواكه الطازجة من جنوب إفريقيا بنسبة 2.1% لتصل إلى 4.2 مليون طن، مواصلة نموا سنويا بمتوسط 3.7% على مدى عقد كامل.
ومع اقترابها من إبرام اتفاق تجاري شامل مع الصين، تضع جنوب أفريقيا نفسها في موقع يتيح لها الاستفادة من أحد أكبر وأسرع أسواق الاستهلاك نموا في العالم، حيث يرى مراقبون أن البروتوكول الأولي المتعلق بالفواكه قد يشكل نقطة انطلاق لتوسيع نطاق التبادل التجاري ليشمل المعادن والمنتجات الصناعية والسلع ذات القيمة المضافة، وهو ما سيخفف من وطأة رسوم ترامب ويمنح جنوب إفريقيا قاعدة إيرادات أكثر تنوعا، تقلل من هشاشتها أمام القرارات التجارية الأحادية لأي شريك منفرد.