اليوم التالي للحرب.. مصر تتحرك لتأمين غزة وإعادة الإعمار عبر خطة متكاملة

في خطوة تعكس ثقلها الإقليمي ودورها المركزي في القضية الفلسطينية، كشفت القاهرة عن خطة شاملة لتأمين غزة بعد الحرب، تجمع بين الترتيبات الأمنية والإدارية وإعادة إعمار القطاع.
وأكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي أن مصر بالتنسيق مع الأردن والسلطة الفلسطينية، تعمل على معالجة الفراغ الأمني في القطاع، وإعادة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت إدارة السلطة الشرعية، بالتوازي مع جهود مكثفة على المستويين الإقليمي والدولي لوقف الحرب وتهيئة أفق سياسي جديد.
تدريب قوات فلسطينية بإشراف مصري-أردني
أوضح عبد العاطي أن الخطة تتضمن تدريب نحو 5 آلاف شرطي فلسطيني داخل معسكرات مصرية وبالتعاون مع الأردن، تمهيدًا لنشرهم في غزة لفرض الأمن الداخلي.
ولفت إلى أن هذه القوات ستكون جزءًا من الترتيبات التي ستُطرح في مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار القطاع، المقرر عقده بعد تثبيت وقف إطلاق النار، بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني.
تمكين السلطة الفلسطينية وإدارة انتقالية
أكد وزير الخارجية أن القاهرة تدعم عودة السلطة الفلسطينية إلى صدارة إدارة القطاع من خلال لجنة خاصة تضمن الوحدة الترابية مع الضفة الغربية.
كما كشف عن التفاهم على قائمة تضم 15 شخصية تكنوقراط من غزة لتولي إدارة انتقالية لمدة ستة أشهر، تمهيدًا لترتيب أوضاع ما بعد الحرب.
الموقف من القوات الدولية والأفق السياسي
وأشار عبد العاطي إلى أن مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة إذا ارتبطت الخطوة بأفق سياسي واضح يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية، معتبرًا أن فرض القوة والهيمنة الإسرائيلية لن يجلب الأمن أو الاستقرار.
وأضاف أن القاهرة تجري مشاورات مكثفة مع واشنطن والاتحاد الأوروبي وقطر لمنع إسرائيل من توسيع عملياتها العسكرية في القطاع.
ضغوط مصرية لوقف الحرب
انتقد الوزير السياسات الإسرائيلية وقيودها على دخول المساعدات الإنسانية، واصفًا الوضع في غزة بأنه كارثة إنسانية ناجمة عن إبادة جماعية ممنهجة.
وشدد على أن الأمن في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة، محذرًا من مغبة إعادة احتلال غزة. وأكد أن مصر تواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف لتمديد هدنة الـ60 يومًا وضمان إدخال المساعدات إلى سكان القطاع.
مصر والقضية الفلسطينية
لطالما لعبت مصر دورًا محوريًا في إدارة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث كانت القاهرة الوسيط الرئيسي في اتفاقيات التهدئة بين حركات المقاومة الفلسطينية وإسرائيل منذ عام 2008، مرورًا بوقف إطلاق النار عقب حرب 2014، وصولًا إلى مؤتمر إعادة إعمار غزة عام 2021 الذي استضافته القاهرة بمشاركة دولية واسعة.
كما تولت مصر تنظيم لقاءات المصالحة الفلسطينية في محاولات متكررة لإنهاء الانقسام بين فتح وحماس.
ويأتي التحرك الحالي امتدادًا لهذا المسار، لكنه يتميز بتركيز أكبر على آليات الإدارة الميدانية داخل غزة وربطها بخطة إعادة الإعمار، في ظل ظروف إنسانية وأمنية هي الأكثر تعقيدًا منذ عقود.