بين تحرير سعر الصرف والتضخم.. كيف نجح البنك المركزي في إدارة الأزمة؟

لعب البنك المركزي المصري دورًا حيويًا في مواجهة التحديات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال عام 2024، والتي تمثلت بشكل أساسي في ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، بجانب ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي لمستويات تاريخية، بالتزامن مع تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي.
أهمية تبني نظام سعر صرف مرن
وتمكن المركزي في مارس 2024، بقيادة محافظه حسن عبد الله، تنفيذ أحد أكثر القرارات جرأة في تاريخ السياسة النقدية المصرية، عبر تبني نظام سعر صرف مرن، لإنهاء الازدواجية في أسعار الصرف، وقضى على الفجوة بين السوق الرسمية والسوق السوداء، مما عزز من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

هذا التحول لم يكن شكليا، بل أدى إلى إعادة هيكلة كاملة لبيئة تداول العملات الأجنبية في مصر، وأعاد السيطرة للبنك المركزي على مجريات السوق، بعد سنوات من التأرجح.
السوق السوداء للدولار انتهت في مصر
وأصبحت السوق السوداء صفحة قديمة وانطوت فقد نجحت الحكومة المصرية مع البنك المركزي المصري في القضاء نهائيا على السوق السوداء للدولار، وأدى التسعير العادل لسعر الصرف، في إقبال من حائزي الدولار لاستبداله بالجنيه المصري في فروع البنوك ومكاتب الصرافة، وعودة معدلات تحويلات المصريين في الخارج لمستويات قياسية.
رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم
كما اتبع البنك المركزي سياسة نقدية حكيمة تمثلت في رفع أسعار الفائدة وتوحيد سعر الصرف، وقد أثبتت هذه الإجراءات فعاليتها في السيطرة على التضخم، حيث نجح البنك في خفضه بشكل ملحوظ بحلول نهاية العام.
أسباب ارتفاع التضخم في مصر
يعود ارتفاع التضخم في مصر بشكل رئيسي إلى عدة عوامل، أبرزها تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالعديد من الدول، حيث أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا وشح المعروض منها و زيادة تكاليف الإنتاج في مصر، مما انعكس حتمًا على أسعار السلع والخدمات التي يتناولها المستهلك المصري بشكل يومي.
علاقة الدولار بالتضخم
إلى جانب ذلك، لعبت أزمة الدولار التي مرت بها البلاد دورًا حاسمًا في أزمة التضخم، فقد أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وظهور سوق موازية، ما ادى إلى ارتفاع سعر الصرف و زيادة تكاليف الاستيراد، خاصةً للمواد الخام والسلع الوسيطة التي تعتمد عليها الصناعة المصرية في إنتاجها وبالتالي، انتقلت هذه الزيادة في التكاليف إلى المستهلك النهائي على شكل ارتفاع في أسعار السلع.

تراجع التضخم في مصر
وأسفرت الإجراءات التي اتخذها المركزي عن نتائج إيجابية، حيث شهدت معدلات التضخم انخفاضًا ملحوظًا خلال الأشهر الماضية، وتشير أغلب التوقعات إلى استمرار المسار النزلي حتى نهاية العام الجاري.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن انخفض إلى 14.9% في يونيو 2025 من 16.8% في مايو الماضي.
ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية
فيما كشف البنك المركزي المصري، عن ارتفاع صافي الاحتياطيات الأجنبية لديه إلى 48.7 مليار دولار في يونيو 2025 الماضي مقابل 48.526 مليار دولار في مايو الماضي، وبلغت قيمة الزيادة في الاحتياطيات لشهر يونيو نحو 174مليون دولار.
حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة قياسية خلال أول عشرة أشهر من العام المالي الحالي "يوليو 2024 - أبريل 2025"، وارتفعت بنسبة 77.1% لتصل إلى 29.4 مليار دولار، مقابل 16.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي.