رسائل للداخل والخارج.. خطاب الرئيس السيسي في ذكرى ثورة يوليو يرسّخ ثوابت الدولة المصرية

في لحظة وطنية مشحونة بالرمزية والتأمل، جاءت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لثورة 23 يوليو، لتؤكد على ثوابت الدولة واستمرارية مشروعها في مواجهة التحديات، وسط إقليم مضطرب وعالم يزداد هشاشة.
لم تكن الكلمة مجرد استدعاء لذكرى ثورة غيّرت وجه مصر والمنطقة، بل بدت أقرب إلى إعادة تثبيت للموقف الرسمي تجاه القضايا الكبرى: من مكافحة الإرهاب، إلى ملف التنمية الشاملة، مرورًا بموقف مصر من القضية الفلسطينية، والرهان على وعي الشعب كخط الدفاع الأول ضد محاولات بث الفتنة أو زعزعة الاستقرار.
الرئيس تحدث بلغة المنتصر على جبهة الإرهاب، والمصمم على مواصلة البناء رغم التحديات، موجهًا رسائل داخلية وخارجية مفادها أن الدولة المصرية لا تزال عصية على الاختراق، وأن تجربتها في الحفاظ على التماسك وسط الأزمات لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج رؤية وإرادة سياسية وشعبية متشابكة.
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الجيش المصري أصبح "درعًا حصينًا وسيفًا قاطعًا"، نجح في دحر الإرهاب وتطهير أرض مصر من براثنه، مشددًا على أن الدولة المصرية ستظل عصية على المؤامرات والفتن، بفضل وعي شعبها وصلابة جبهتها الداخلية.
جاء ذلك في كلمة الرئيس خلال احتفال الدولة المصرية بالذكرى الثالثة والسبعين لثورة 23 يوليو 1952، التي وصفها بأنها لحظة فارقة في تاريخ الشعب المصري والأمة العربية، مؤكدا أن المبادئ التي أرستها الثورة لا تزال تلهم الأجيال حتى اليوم.
الطفرة العمرانية وبنية تحتية غير مسبوقة
واستعرض الرئيس السيسي ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الأخيرة، موضحًا أن الدولة المصرية شهدت "طفرة عمرانية شاملة"، حيث تم القضاء على العشوائيات، وإنشاء مساكن حديثة ومدن ذكية، إلى جانب قفزات غير مسبوقة في البنية التحتية، ومشروعات قومية كبرى.
وأشار إلى أن مشروع "حياة كريمة" أصبح مظلة تنموية واجتماعية لنحو 60 مليون مواطن، قائلا: "مصر التي أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة، لن تترك مستحقًا للسكن يتخبط في دوامة القلق على مستقبله".
الأمن والاستقرار
وأكد السيسي أن مصر، في زمن انهارت فيه دول وتفككت فيه كيانات، نجحت في الحفاظ على استقرارها، وكانت "دار أمن واستقرار وملاذًا إنسانيًا"، استقبلت ما يقرب من 10 ملايين شخص من دول مختلفة، دون أن تتخلى عن مسؤولياتها القومية والإنسانية رغم كل الضغوط.
وقال إن الدولة المصرية قدمت نموذجًا فريدًا في الصمود، واستطاعت مواصلة البناء وسط تحديات إقليمية ودولية جسيمة، بفضل إرادة الشعب ووعيه، مضيفًا: "سلكنا طريق البناء في ملحمة وطنية قوية، بعزيمة وسواعد لا تعرف الانكسار".
جبهة داخلية منيعة
وشدد الرئيس على أن صلابة الجبهة الداخلية هي الضمانة الحقيقية أمام أي محاولات للنيل من استقرار البلاد، مؤكدًا أن "مصر ستظل منيعة، مبصرة بكل ما يُحاك حولها"، ومعربًا عن يقينه بقدرة المصريين على تجاوز الصعاب، "مهما تنوعت أشكالها وتعددت مصادرها".
ثورة يوليو لا تزال حاضرة
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري أن العالم اليوم في أمسّ الحاجة لمبادئ ثورة يوليو، خاصة في ظل ما تمر به الأمة العربية من تحديات، مؤكدا أن "ثوابت الثورة تظل نبراسًا في مواجهة الاحتلال ورفض الهيمنة".
وأضاف بكري لـ"تفصيلة"، أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان يرى في فلسطين قضية مركزية، وهو ما تواصل مصر التأكيد عليه حتى اليوم، من خلال موقفها الرافض لتصفية القضية أو تهجير الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن "هناك تحالفًا إسرائيليًا أمريكيًا، ومعه قوى أخرى، يستهدف المنطقة، لكن مصر تظل ثابتة على مواقفها".
وأكد بكري أن الاحتفاء بثورة يوليو بعد مرور 73 عامًا على اندلاعها، يثبت أنها "لا تزال حية في وجدان المصريين، بما قدمته من إنجازات سياسية واجتماعية واقتصادية، لا يمكن محوها من ذاكرة الوطن".