الإسلام السياسي خارج الحسابات.. ماذا تقول انتخابات الشيوخ عن تراجع "النور"؟

لم يكن خبر استبعاد نصف مرشحي حزب النور من انتخابات مجلس الشيوخ مجرد إجراء إداري اعتيادي، بل جاء كاشفا لتحولات أعمق يعيشها الإسلام السياسي في مصر، فمنذ عقد مضى، كان الحزب السلفي أحد الفاعلين السياسيين في مرحلة ما بعد 2011، واليوم يجد نفسه بعيدًا عن المعادلة، تنظيميًا وجماهيريًا.
من واجهة المشهد إلى الهامش
في أعقاب ثورة يناير، ملأت التيارات الدينية الساحة بشعاراتها وأحزابها، وعلى رأسها الإخوان ، الذين سرعان ما تولوا السلطة قبل أن تتم الإطاحة بهم في 2013، آنذاك، بدا وكأن حزب النور قرر أن يلعب ورقة البقاء، بعيدًا عن التصعيد، لكن دون أن ينجح في الحفاظ على قاعدته الشعبية،وبينما كانت التيارات الأخرى تعيد ترتيب أوراقها، بدا حزب النور يتجنب فيها الصدام لكنه أيضا لا يحقق اختراقا يذكر.
انتخابات الشيوخ

بحسب ما كشفته الكشوف المبدئية للهيئة الوطنية للانتخابات، تم استبعاد عدد كبير من مرشحي حزب النور، من بينهم نائب رئيس الحزب نفسه، السيد مصطفى خليفة، بسبب عدم استيفاء بعض الشروط، خاصة تلك المتعلقة بأداء الخدمة العسكرية أو الحصول على إعفاء نهائي.
كما أن الأسماء المستبعدة تنوعت جغرافيًا، من الإسكندرية إلى مطروح، ومن الدقهلية إلى القاهرة، ما جعل البعض يتحدث عن أزمة داخل الحزب أكثر من مجرد تعثر في الإجراءات، وحتى البيانات الصادرة عن الحزب أو مرشحيه بدت حذرة، تميل للتهدئة، وتؤكد على "الالتزام بالقيم"، دون أي دعوة لحراك جماهيري أو حتى خطاب تعبوي.
تراجع بلا ضجيج
اللافت أن حزب النور لم يكن ضمن القائمة الوطنية الوحيدة التي تقدمت للانتخابات، وهو ما فسره مراقبون بغياب التفاهمات السياسية أو حتى القدرة على التفاوض بشأن مقاعد رمزية، لكن الأهم من كل ذلك، أن الحزب لم يظهر له أي وجود جماهيري فعلي في الشارع، حتى بعد استبعاد رموزه، لا مظاهرات، لا حملات تضامن، ولا حتى نقاش واسع على مواقع التواصل.

في المقابل، تمر القوى السياسية الأخرى نحو الانتخابات بهدوء، ويبدو أن الناخب المصري بات أكثر اهتمامًا بمن يتحدث عن تحدياته اليومية، لا من يرفع شعارات أيديولوجية.
مشهد جديد
الرسالة الأوضح في انتخابات مجلس الشيوخ ليست فقط غياب حزب بعينه، بل تراجع نمط كامل من العمل السياسي، الإسلام السياسي حتى في نسخته السلفية، ويبدو أنه فقد تأثيره الشعبي والتنظيمي في لحظة لا مكان فيها إلا للكفاءة والواقعية، أما تجربة الإخوان، بكل ما حملته من إخفاقات، فقد أسهمت بدورها في إعادة تشكيل وعي الجمهور تجاه هذا التيار.