مصر تُحبط تحركات إثيوبيا نحو البحر الأحمر: تحالفات إقليمية وخطوط حمراء

في ظل تصاعد الطموحات الإثيوبية المعلنة للوصول إلى منفذ بحري، اتخذت القاهرة موقفًا سياسيًا أكثر وضوحًا وحسمًا، فبينما تواصل أديس أبابا الترويج لما تعتبره "حقًا مشروعًا"، تتحرك مصر لبناء جبهة إقليمية تدافع عن استقرار البحر الأحمر، وتربط أمنه بسيادة دوله الرافضة لأي تغيير أحادي في المعادلات الجيوسياسية.
هذا الموقف المصري تجدد اليوم برسائل أكثر صرامة، جاءت على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحفي في القاهرة مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في توقيت لا ينفصل عن المشهد الإقليمي المتوتر، ليضع حدًا سياسيًا واضحًا بين الطموح الإثيوبي والواقع الإقليمي القائم.
رسائل الرئيس السيسي
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، أن مصر ترفض أي محاولات للمساس بوحدة الصومال أو زعزعة استقراره، مشيرًا إلى أهمية تعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية، خصوصًا في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
وقال السيسي خلال المؤتمر الذي عُقد في قصر الاتحادية بالقاهرة، الإثنين: " شهدت مباحثاتي اليوم مع فخامة الرئيس حسن شيخ محمود نقاشًا معمقًا حول عدد من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الأهمية، وفي مقدمتها الأوضاع الأمنية والسياسية في القرن الإفريقي، وأمن البحر الأحمر، وقد توافقنا على استمرار تكثيف التعاون لضمان استقرار هذه المنطقة الحيوية، لما لها من تأثير مباشر على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي."
وجاءت تصريحات السيسي بعد أسابيع من تصاعد التوتر الإقليمي على خلفية توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع "أرض الصومال"، تتيح لها الحصول على منفذ بحري على المحيط الهندي، في خطوة رفضتها الحكومة الصومالية، واعتبرتها "انتهاكًا صريحًا لسيادتها"، بينما عبّرت القاهرة عن "رفض أي إجراءات تمس وحدة أراضي الدول الإفريقية".
دعم مصري لصومال موحّد
الرئيس السيسي أكد خلال كلمته أن القاهرة تدعم جهود الحكومة الفيدرالية الصومالية في تعزيز الاستقرار، مشيدًا بما وصفه بـ"الاصطفاف الوطني الذي يحققه الصومال في مواجهة الإرهاب، ومحاولات تفكيك الدولة".
كما شدد على التزام مصر بمواصلة التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية، قائلًا:" اتفقنا على أهمية مواصلة التنسيق في إطار بروتوكول التعاون العسكري الموقع بين بلدينا في أغسطس 2024، من أجل دعم قدرات الكوادر الصومالية، وتعزيز دور المؤسسات الوطنية في حفظ الأمن والاستقرار، وتمكين الدولة الصومالية من بسط سيادتها على كامل التراب الوطني."
ويأتي هذا التصريح بعد أن أعلنت مصر مشاركتها في بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة للدعم والاستقرار في الصومال، بما في ذلك تقديم دعم لوجستي وعسكري ضمن مهام حفظ السلام.
تحرك إثيوبي ومواقف رافضة
كانت الحكومة الإثيوبية قد وقعت مطلع العام الجاري مذكرة تفاهم مع سلطات "أرض الصومال" غير المعترف بها دوليًا، تمنح أديس أبابا الحق في استخدام شريط ساحلي بطول 20 كيلومترًا لمدة خمسين عامًا، ما أثار رفضًا واسعًا في مقديشو، وقلقًا إقليميًا متصاعدًا.
ورغم أن إثيوبيا تكرر في خطابها الرسمي أن الاتفاقية تهدف لـ"تأمين مصالحها الاقتصادية"، وأنها لا تمس سيادة أحد، فإن ردود الفعل من دول الجوار، وعلى رأسها مصر وإريتريا، تشير إلى رفض واضح لأي تمركز إثيوبي في المنطقة الساحلية، سواء على البحر الأحمر أو المحيط الهندي.
تحالف ثلاثي يواجه التحرك الإثيوبي
كانت القاهرة قد شاركت مؤخرا في قمة ثلاثية عُقدت في العاصمة الإريترية أسمرة، وجمعتها بكل من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. وأسفرت القمة عن تشكيل لجنة ثلاثية للتنسيق الاستراتيجي، شملت قضايا الأمن البحري، ومواجهة التدخلات الخارجية، وتعزيز سيادة الدول الأعضاء.
كما أعلنت الدول الثلاث في بيانها المشترك رفضها لأي اتفاقيات تُبرم من جهات غير معترف بها دوليًا، في إشارة واضحة إلى الاتفاق الإثيوبي مع "أرض الصومال".