خمس جبهات مفتوحة: مصر في مواجهة أكبر اختبار استراتيجي منذ عقد
من النيل إلى الصحراء.. أخطر خمسة ملفات على طاولة صانع القرار المصري

في لحظة فارقة من تاريخها الحديث، تقف مصر على أرض صلبة، لكنها محاطة بدوائر ضغط متشابكة؛ من شرقها يهددها مشروع السد الإثيوبي، ومن جنوبها تشتعل حدود مفتوحة على حرب لا تنتهي، ومن غربها تحوم فوضى مسلحة عند المثلث الحدودي المشتعل، وفي الداخل يظهر شبح الإرهاب بمحاولات يائسة، بينما تلوح في الأفق أعباء اقتصادية دولية لا ترحم.
خمس جبهات مفتوحة
ورغم كل هذه التحديات، تواصل الدولة المصرية تحركاتها، ليست كردود أفعال متخبطة، بل عبر خطوات محسوبة على مسارات متعددة: من الدبلوماسية الهادئة إلى الحضور الإقليمي الذكي، ومن ضبط الداخل إلى إدارة معارك التمويل والإصلاح.
ويستعرض موقع "تفصيلة" أبرز المخاطر التي تواجه الدولة المصرية على عدة جبهات، أبرزها:
السد الإثيوبي والقلق المائي
أعلنت إثيوبيا اكتمال مشروع السد الإثيوبي على النيل الأزرق، وأكدت تدشينه في سبتمبر المقبل، ورغم ذلك، لا يزال الغموض يكتنف قواعد الملء والتشغيل، وسط تعثر المفاوضات وانسداد المسار السياسي.
ورغم التطمينات الإثيوبية بعدم الإضرار بمصالح دول المصب، تصر الدولة المصرية على وجود اتفاق قانوني ملزم، يحمي حقوقها التاريخية ويضمن التنسيق المسبق.
ويتزايد القلق من تأثيرات تشغيل السد دون تنسيق، خاصة في سنوات الجفاف، إلا أن مصر لا تكتفي بالتحذير، بل تتحرك على الأرض؛ حيث تطوّر بدائل، وتنفّذ مشروعات عملاقة لتحلية المياه ومعالجتها، وتعيد هيكلة أنظمة الري والزراعة، وتجهّز نفسها لأسوأ السيناريوهات بمزيج من الإجراءات الفنية والدبلوماسية، ضمن استراتيجية واقعية تُدار بهدوء وبُعد نظر.

حدود بلا هدوء
على الحدود الجنوبية الغربية، أعلنت قوات الدعم السريع السودانية سيطرتها على المثلث الحدودي مع ليبيا ومصر، وهي منطقة معزولة لكنها استراتيجية تمر منها طرق تهريب الذهب والسلاح والبشر، وقد تشهد تحولات تمس الأمن القومي المصري.
ورغم تضارب الروايات العسكرية والسياسية، إلا أن المؤكد أن الواقع على الأرض بات متغيرًا. ومصر، من جانبها، تراقب وتتحرك استخباراتيًا، وتبني سياستها على عدم الانجرار إلى صراع، مع اليقظة التامة للتهديدات القادمة من هذه الصحراء العريضة.

حرب نفسية
انتشر على بعض المنصات إصدار مصوّر يعود لتنظيم مسلح، يروّج لعودته بتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، في توقيت بالغ الحساسية وفي حرب نفسية واضحة على المصريين.

تحركات دولية مريبة في ليبيا
تشهد الساحة الليبية الملاصقة لمصر محاولات تدخل إقليمية ودولية لإثارة الفتن والقلق على الحدود المصرية لكن الدولة المصرية تتعامل بقوة وحذر مع الوضع
صندوق النقد.. «الإصلاح أولًا»
أعلن صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر الاقتصادي، وتأجيل صرف الشريحة المقبلة البالغة 1.2 مليار دولار لحين تنفيذ إصلاحات إضافية.
ورغم أن التأجيل لم يكن متوقعًا، خاصة بعد خطوات مرونة سعر الصرف، وخفض الفائدة، وتحسين المؤشرات المالية، فإن تأخر تنفيذ الطروحات الحكومية ألقى بظلاله على قرار الصندوق، بحسب ما أكد خبراء اقتصاديون وصفوا القرار بـ"جرس إنذار"، لا رفضًا.
ورغم التحدي، لا تزال الدولة المصرية ملتزمة بالبرنامج، وتتحرك على أكثر من مسار لتعزيز الثقة، وجذب الاستثمارات، وتأمين احتياجاتها التمويلية.

إفريقيا.. تحرك ذكي لملء الفراغ
في مشهد يعكس ديناميكية التحرك المصري، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بمدينة العلمين، في زيارة تحمل رسائل واضحة: "مصر موجودة في إفريقيا، وتعرف كيف تعود بثقلها".
ركزت القمة على أمن البحر الأحمر، واستقرار القرن الإفريقي، وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، في منطقة شديدة الحساسية تتقاطع فيها مصالح قوى إقليمية ودولية.
