هروب جماعي من إسرائيل.. ومخاوف من حرب طويلة مع إيران

في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، وتتحول فيه جبهات الصراع من غزة إلى طهران، ومن الخليج إلى البحر الأحمر، كشفت تقارير إعلامية وبحثية عن أزمة داخلية غير معلنة تهز العمق الإسرائيلي نفسه، حيث تتزايد معدلات الهجرة والنزوح الداخلي والخارجي بين السكان، في ظل تصاعد المخاوف من حرب طويلة مع إيران، وغياب الثقة في قدرة الحكومة على ضمان الأمن والاستقرار.

رحيل العقول والشركات خسارة لا تُعوَّض

هذه المؤشرات الجديدة تأتي في لحظة حساسة، بعد الضربات الإيرانية المباشرة التي طالت العمق الإسرائيلي للمرة الأولى، ومع اتساع الحديث عن نفاد صواريخ القبة الحديدية، وضعف الاستعداد لحرب استنزاف قد تمتد شهورًا، إن لم يكن سنوات.

في تصريح مثير وغير مسبوق، كشف المؤرخ والباحث في الشؤون الإسرائيلية أرتيوم كربيتشونك أن إسرائيل تشهد موجة هجرة داخلية وخارجية غير معلنة، إثر تصاعد التهديدات الأمنية من قطاع غزة وإيران، ما يعكس أزمة ثقة عميقة في الشارع الإسرائيلي تجاه قدرة الدولة على حماية مواطنيها.

وفي حوار مع برنامج "قصارى القول" على قناة روسيا اليوم، أشار كربيتشونك إلى أن "الذعر عمّ الأجزاء الشمالية والجنوبية من إسرائيل عقب هجمات 7 أكتوبر 2023، مما دفع ما لا يقل عن 300 ألف شخص للنزوح نحو وسط البلاد، في سابقة تاريخية لم تشهدها الدولة العبرية من قبل".

المثير في تصريحات الباحث أن النزوح لم يقتصر على الانتقال الداخلي فقط، بل شمل مغادرة آلاف من الكفاءات العالية والمتخصصين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، برفقة شركاتهم، إلى خارج البلاد، وقدّر كربيتشونك أن نحو 300-350 ألف شخص غادروا إسرائيل خلال السنوات الماضية، وهو رقم ضخم لدولة لا يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين.

من الاحتفال بالأسود إلى الهروب بمئات الدولارات

اللافت أيضًا، حسب ما ذكره المؤرخ، أن هذه الحالة تفاقمت بشكل لافت بعد الضربات الإيرانية الأخيرة التي استهدفت مواقع في العمق الإسرائيلي، حيث تحولت منصات التواصل الاجتماعي من ساحة للاحتفالات (عبر نشر صور "الأسود" كشعار للنصر) إلى منصات للسخرية من الهاربين، مع تعليقات حادة تسخر من تراجع الحماس والروح المعنوية.

وبحسب مصادر إسرائيلية نقل عنها الباحث، فإن تكلفة الهروب من إسرائيل وصلت إلى نحو 20 ألف دولار للشخص، مع تعقيد مغادرة البلاد بسبب استمرار إغلاق مطار بن غوريون، وقصر الخروج على الطرق البرية عبر الأردن وسيناء.

القبة الحديدية على وشك الإنهاك

كربيتشونك لم يكتف بكشف هذه المعطيات الصادمة، بل أكد أيضًا صحة التقارير التي تتحدث عن بدء نفاد صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية، قائلًا: "إسرائيل ليست مستعدة لحرب طويلة، قدراتها محدودة، وعدد سكانها صغير، والمجتمع غير مهيأ لحرب استنزاف طويلة مثل هذه"، مشيرًا إلى أن تل أبيب باتت تعتمد بشكل كامل على الدعم الأمريكي لتغطية العجز العسكري المتوقع، في حال استمر التصعيد مع إيران.

القلق الروسي من العائدين من إسرائيل

في سياق متصل، كشف الباحث أن سلطات موسكو بدأت في التحقيق مع عدد من العائدين الروس من إسرائيل، بعد الاشتباه في تورطهم بتمويل الجيش الأوكراني وبعض التنظيمات المسلحة المعادية لروسيا، وهو ما اعتبره "أمرًا طبيعيًا" في ظل العلاقات المتوترة بين روسيا وإسرائيل.