رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

"التخريب الناعم".. ما علاقة منظمة "إنتر ميديت" البريطانية بالشرع والطنطاوي؟

الرئيس السوري أحمد
الرئيس السوري أحمد الشرع والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي

تصدرت منظمة إنتر ميديت البريطانية واجهة الاهتمام مؤخرًا، بعد ارتباطها بتدريب شخصيات بارزة مثل أحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام سابقًا، ورئيس السلطة الانتقالية في سوريا حاليًا، وكذلك البرلماني المصري السابق أحمد الطنطاوي، الذي قضى عدة أشهر في لبنان قبل الإفراج عنه مؤخرًا من السجن في مصر. 

وفي الوقت الراهن، تثير هذه المنظمة البريطانية تساؤلات حول طبيعة عملها وعلاقتها بما يُعرف بـ"التخريب الناعم" وخلق الأزمات.

ماذا نعرف عن إنتر ميديت؟

تأسست منظمة إنتر ميديت على يد مساعد ومستشار رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، المعروف بمشاركته في غزو العراق عام 2003. 

تشير بعض المعلومات إلى أن المنظمة تخضع لإشراف جهات استخباراتية، وأنها تُعنى بوضع الخطط التي تقوم المخابرات الأمريكية بتنفيذها. 

وتُعرف القاعدة الذهبية المتداولة في الأوساط الاستخباراتية بالشرق الأوسط حاليًا بـ: المخابرات البريطانية تفكر وتدرس وتخطط، والمخابرات الأمريكية تنفذ.

يُعد مجال عمل هذه المنظمة محوريًا، حيث تركز على التدريب على التفاوض وإدارة الأزمات وحل النزاعات، بل وحتى خلقها، سواء بين الدول أو بين الأطراف والتنظيمات المختلفة. 

يعتبر الخبراء هذا المجال من أخطر مجالات العمل السياسي والاستخباراتي في العصر الحديث نظرًا لتأثيره العميق.

ما هو "التخريب الناعم"؟

يُعد مصطلح "التخريب الناعم" مفهومًا محوريًا في سياق إدارة المفاوضات وخلق الأزمات.

يشير هذا المصطلح إلى عملية تخريب غير مباشر، لا يعتمد على العنف أو الدمار الظاهر، بل يتم من خلال وسائل ناعمة ومؤثرة تعمل على تقويض البنى الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، أو السياسية من الداخل، وتتم هذه العملية بطريقة تدريجية وذكية، مما يجعل اكتشافها أو إثباتها صعبًا في كثير من الأحيان.

يستغرق التخريب الناعم مدة طويلة، ويهدف إلى تغيير القناعات المجتمعية والتأثير على ثقة المجتمعات في ثقافتها وتاريخها وهويتها، وكذلك في رموزها ومؤسساتها. 

كما يسعى إلى إظهار حالة التراجع والتردي لصالح منافسين آخرين، سواء كانوا إقليميين أو دوليين.

تتم هذه العملية من خلال:

  • صناعة أزمات مفتعلة: تهدف إلى التشكيك في قدرات الدولة، أو خلق معارك وهمية لإشغال الرأي العام والتقليل من قيمة المجتمع.
  • إثارة السخط العام: من خلال تضخيم وتهويل المشكلات المجتمعية مثل الازدحام، مشاكل المواصلات، التضخم والأسعار، الرشوة والمحسوبية، والفساد الاجتماعي، وتولي المناصب الحكومية لأصحاب الثقة والمقربين من دوائر الحكم وأبناء المسؤولين، مما يثير الإحباط في نفوس المواطنين.

أدوات التخريب الناعم 

يعتمد "التخريب الناعم" على مجموعة من الأدوات الفعالة للتأثير على المجتمعات من الداخل:

  • الإعلام: يستخدم لنشر الشكوك، الترويج لقيم دخيلة، وتسليط الضوء على السلبيات بشكل مبالغ فيه.
  • التعليم: يهدف إلى تغيير المناهج، تشويه التاريخ، وطمس الهوية الوطنية.
  • الثقافة والفنون: يتم تمرير رسائل معينة عبر المسلسلات، الأفلام، الأغاني، وغيرها، للتأثير على الوعي الجمعي.
  • الاقتصاد: من خلال فرض سياسات اقتصادية تُفقر الشعوب، أو تشجيع أنماط استهلاكية تؤدي إلى التبعية.

وسائل التواصل الاجتماعي: تُستخدم لإشعال النزاعات المجتمعية وخلق حملات تضليل ممنهجة.

كيف يمكن مواجهة "التخريب الناعم"؟

وفق الخبراء، فإن مواجهة هذا النوع من التخريب تتطلب وضع خطط سياسية ومجتمعية متكاملة، بالإضافة إلى تبني أسلوب علمي وفعال في إدارة الأزمات.

وفي وقت سابق، كشف السفير الأمريكي الأسبق لدى سوريا والجزائر، روبرت فورد، عن تفاصيل لقاء جمعه بالرئيس الانتقالي في سوريا، أحمد الشرع، المعروف سابقا بـ أبو محمد الجولاني، وذلك ضمن جهود لإعادة تأهيله سياسيًا بعد سنوات من انخراطه في العمل المسلح ضمن تنظيمات جهادية.

وفي محاضرة ألقاها فورد عن انتصار الثورة السورية وسقوط نظام بشار الأسد، نشرها مجلس بالتيمور للشؤون الخارجية عبر يوتيوب مطلع مايو الماضي، قال الدبلوماسي الأمريكي إن مؤسسة بريطانية غير حكومية معنية بحل النزاعات دعتـه عام 2023 للمشاركة في مبادرة تهدف إلى إخراج الجولاني من عالم الإرهاب إلى عالم السياسة التقليدية.

وتحدث فورد بصراحة عن مخاوفه من اللقاء الأول مع الشرع، حيث قال إنه في البداية كان مترددًا جدًا، وتخيل نفسه مرتديًا بدلة برتقالية والسكين على رقبته - في إشارة إلى الطريقة التي كان يعدم بها تنظيم داعش ضحاياه - لكن بعدما تحدثت إلى عدد ممن قابلوه شخصيًا، قرر أن يجرب حظه.

وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أنه التقى بالشرع للمرة الأولى بعد السيطرة على دمشق في ديسمبر الماضي، مشيرًا إلى أن اللقاء جرى بعد كشف الشرع عن اسمه الحقيقي لأول مرة.

ورغم سلاسة الحوار كما وصفه فورد، إلا أن الشرع لم يقدم اعتذارًا عن العمليات المسلحة والإرهابية التي نفذها أو أدارها في العراق وسوريا خلال سنوات نشاطه في صفوف الجماعات الجهادية، وعلى رأسها جبهة النصرة.

لكن الشرع أوضح – بحسب فورد – أن التكتيكات التي كانت تصلح في العراق، لا تصلح عندما تحكم 4 ملايين شخص في إدلب، في إشارة إلى انتقاله من منطق الحرب إلى منطق الإدارة والسلطة المحلية، ما يعد تحولًا كبيرًا في سلوكه السياسي والتنظيمي.

ما علاقة المنظة بالطنطاوي؟

نفى الطنطاوي، بشكل قاطع ما تردد عن تلقيه تدريبات في لبنان على يد منظمة دولية، مؤكدًا أن تواجده هناك كان لغرض الدراسة فقط.

وتساءل البرلماني السابق في لقاء مع شبكة بي بي سي أجراه عقب خروجه من السجن: كيف أعود إلى وطني من المطار وأمام أعين السلطات المصرية وأنا مرتكب جريمة على هذا القدر من الخطورة؟ في إشارة إلى الاتهامات بتلقي تدريبات من جهات أجنبية.

وشدد الطنطاوي على أن ما يتم تداوله عن تلقيه تدريبات تحت إشراف منظمة أجنبية لم يحدث إطلاقًا، مؤكدًا حرصه على الالتزام بالدستور والقانون.

وطالب الطنطاوي جهات التحقيق المصرية باستدعاء من يروج لما وصفه بالاتهامات الباطلة، وإن لم يوجد دليل، يجب محاسبته.

تم نسخ الرابط