تحقيق العسل المغشوش.. الحكومة تكذب التحاليل و"النواب" يطالبون بتفتيش شامل

آثار فيديو نشره أحد صناع المحتوى على فيسبوك عاصفة من الجدل في الشارع المصري، بعدما كشف نتائج تحاليل لمجموعة من عبوات العسل المتداولة في الأسواق، مؤكدًا أن عددًا من العلامات التجارية الشهيرة تبيع ما وصفه بـ"عسل مغشوش لا يحتوي على أي مكون طبيعي"، ولم تمض ساعات قليلة حتى أصبح الفيديو حديث مواقع التواصل الاجتماعي، وتحوّل من مجرد "محتوى غذائي" إلى أزمة رأي عام.
وانتشر الفيديو انتشار النار في الهشيم، وتحوّل إلى مادة دسمة للنقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من صدّقوا التحاليل باعتبارها "صفعة على وجه الغش التجاري"، وبين من شككوا في دوافع صاحب الفيديو أو دقة الإجراءات، متهمين البعض بالسعي للشهرة على حساب علامات تجارية معروفة.
النواب يدخل على خط الأزمة
لكن الجدل الافتراضي لم يلبث أن انتقل إلى الواقع، حين دخل مجلس النواب على خط الأزمة، بتحرك عاجل من النائب أيمن محسب، الذي تقدم بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، موجّهًا كلامه لرئيس مجلس الوزراء ووزيري التموين والصحة، إضافة إلى رئيس جهاز حماية المستهلك، محذرًا من "انتشار ظاهرة الغش التجاري في سوق عسل النحل المصري" ومطالبًا بتدخل حكومي سريع لوقف ما وصفه بـ"العبث بصحة المواطنين".
وقال "محسب" في طلبه، إن "التحاليل التي أجراها بعض صناع المحتوى أظهرت غياب المكونات الطبيعية عن العديد من منتجات العسل الشهيرة، والتي يثق بها المستهلك المصري منذ سنوات"، مشيرًا إلى أن "بعض هذه المنتجات تحتوي على مركبات صناعية ونكهات وألوان مضافة، وقد تُلحق أضرارًا جسيمة خاصة بالأطفال ومرضى السكري".
الغش يضرب المنتج المحلي أيضًا
ولم يتوقف النائب عند البعد الصحي فقط، بل أشار إلى أن "منتجي العسل الطبيعي في مصر يعانون من خسائر فادحة نتيجة منافسة غير شريفة من هذه المنتجات المغشوشة، التي تروَّج عبر حملات دعائية ضخمة في القنوات ومواقع التواصل، وسط ضعف رقابي واضح"، مؤكدًا أن ما يحدث "تهديد صريح للأمن الغذائي المصري".
وطالب النائب بإجراء تحاليل حكومية رسمية وسحب عينات من الأسواق، ومحاسبة الشركات المخالفة، وعقد جلسة عاجلة في لجنة الصحة أو الشؤون الاقتصادية لمناقشة القضية وتحديد المسؤوليات.
رد الحكومة.. وتوضيح علمي
ومع تصاعد الضغط الإعلامي والشعبي، جاء الرد سريعًا من المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، الذي أصدر بيانًا رسميًا نفى فيه ما تم تداوله حول وجود عسل نحل مغشوش في الأسواق، مؤكدًا التزام الدولة الكامل بحماية صحة المواطنين وتطبيق أعلى معايير الجودة.
وأوضح البيان أن الهيئة القومية لسلامة الغذاء كشفت أن صاحب الفيديو لم يتبع الإجراءات العلمية المعتمدة، حيث نقل العينات من عبواتها الأصلية إلى أوعية غير مخصصة وغير موثقة، مما أفسد نتائج التحاليل وجعلها "غير معتد بها علميًا".
وأضاف أن التحاليل التي أُجريت لا يمكن اعتبارها دليلًا على غش المنتج وفقًا للقواعد المعتمدة في معامل تحليل الأغذية.
السكر ليس دليلاً كافيًا
الهيئة أيضًا فنّدت الادعاءات المتعلقة بنسبة "السكروز"، حيث أكدت أن نسبة 5% ليست قاعدة ثابتة، بل أن المواصفة القياسية المصرية (355-1/2005) ومواصفة "كودكس" الدولية، تسمح بنسبة تتراوح بين 5% إلى 15% حسب نوع العسل ومصدره.
وأوضحت أن إثبات الغش الفعلي يتطلب تحاليل أكثر تعقيدًا مثل تحليل نظائر الكربون (C13) وتحليل السكريات المضافة، وشددت على أن المنتجات التي تم تحليلها في الفيديو كانت عبوات بدون بيانات الإنتاج أو التشغيلة، وهو ما يُفقد نتائجها المصداقية تمامًا.
رسالة للمواطنين
في ختام بيانها، ناشدت الحكومة المواطنين بعدم الانسياق وراء الشائعات والمعلومات غير الموثقة، مؤكدة أن جميع منتجات العسل المتداولة في السوق تخضع لرقابة دورية صارمة من قبل هيئة سلامة الغذاء، وأن على المواطنين الشراء من مصادر معروفة وموثوقة فقط.