خطة جديدة مدعومة أمريكيا لتوزيع مساعدات غزة.. هل تسعى واشنطن لتهميش الأونروا؟

تستعد مؤسسة جديدة مدعومة من الولايات المتحدة، تُدعى "إغاثة غزة"، لبدء عملياتها في القطاع الفلسطيني المحاصر بنهاية مايو الجاري، ضمن خطة مثيرة للجدل لتوزيع المساعدات الإنسانية في ظل تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، وانتقادات حادة من الأمم المتحدة.
نموذج جديد لتوزيع المساعدات
تسعى المؤسسة، التي تم تسجيلها في جنيف في فبراير الماضي، إلى الإشراف على نموذج بديل لتوزيع المساعدات في غزة، بمساعدة شركتي أمن ولوجستيات أمريكيتين: UG Solutions وSafe Reach Solutions.
وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة، تلقت المؤسسة بالفعل تعهدات مالية تتجاوز 100 مليون دولار، دون الكشف عن مصادر تلك الأموال حتى الآن.
إشراف أمني وخطط توزيع متعددة
ستبدأ المؤسسة عملياتها من أربعة مواقع توزيع "آمنة"، ثلاثة في جنوب القطاع وواحد في الوسط، على أن يتم لاحقًا توسيع هذه المواقع لتشمل شمال غزة أيضًا.
وأوضحت أن فرقًا إنسانية مدنية هي من ستتولى توزيع المساعدات مباشرة، في حين تتولى شركات الأمن نقلها من المعابر إلى نقاط التوزيع.
وأكدت المؤسسة أنها لن تقدم أي بيانات شخصية عن المستفيدين للجانب الإسرائيلي، مشددة على أن الجيش الإسرائيلي لن يكون موجودًا "بشكل مباشر" في مواقع التسليم.
إسرائيل تدعم وتستعد لبناء "مناطق آمنة"
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مواقع التوزيع الأولى ستُنجز خلال أيام، مؤكدًا عزم حكومته على إنشاء "مناطق آمنة واسعة" جنوب القطاع، لنقل السكان الفلسطينيين إليها "حفاظًا على سلامتهم"، على حد تعبيره.
في المقابل، شددت "إغاثة غزة" على أنها لن تكون طرفًا في أي شكل من التهجير القسري، مؤكدة استقلالية خطتها الإنسانية.
موقف أمريكي داعم وسط تحفظات أممية
قالت القائمة بأعمال مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، إن الولايات المتحدة تعمل مع إسرائيل على تسهيل بدء عمل المؤسسة، داعية الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إلى التعاون معها.
لكن الأمم المتحدة رفضت رسميًا الانخراط في الخطة، معتبرة أنها لا تستوفي معايير النزاهة والحياد والاستقلال الإنساني.
وأكد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، أن الخطة "تقيد المساعدات، وتربطها بأهداف سياسية وعسكرية، وتشكل تهديدًا مباشرًا لمبادئ العمل الإنساني"، محذرًا من أنها تفشل في تلبية الاحتياجات الملحة وتزيد من معاناة السكان.
الأونروا على خط التوتر مجددًا
تتمسك الأمم المتحدة بأن وكالة الأونروا تظل الجهة الأساسية والموثوقة في إدارة الإغاثة بغزة، رغم الاتهامات الإسرائيلية المستمرة لها بالتحريض والتواطؤ مع "أنشطة إرهابية"، وهي اتهامات تحقق فيها الأمم المتحدة حاليًا.
في المقابل، ترى "إغاثة غزة" أن التنسيق مع إسرائيل لا يتعارض مع المبادئ الإنسانية، بل يمثل "حلًا عمليًا" في ظل توقف دخول المساعدات منذ مارس الماضي، نتيجة اتهامات إسرائيل لحركة حماس بـ"سرقة المساعدات"، وهو ما تنفيه الحركة.
ضغوط دولية متزايدة
تتصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة وشيكة في غزة، حيث أشار التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأسبوع الماضي إلى أن نحو 500 ألف شخص، أي ربع سكان القطاع، يواجهون خطر المجاعة.
وتأتي هذه المخاوف في ظل استمرار الحصار، والقيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على دخول الغذاء والدواء والوقود، رغم سماحها مؤخرًا بإدخال كميات محدودة عبر الآليات الحالية.
آلية الأمم المتحدة "جاهزة للعمل"
أكدت الأمم المتحدة أن لديها نظامًا فعالًا لتوزيع المساعدات، يمكن العودة إليه فورًا. وقال المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك: "لدينا آلية تعمل ولا نحتاج لإعادة اختراع العجلة".
وأضاف أن ما تحتاجه المنظمة هو فتح معبرين رئيسيين إلى غزة، أحدهما شمالي والآخر جنوبي، إضافة إلى تسريع الإجراءات ووقف استهداف المساعدات والسماح بإيصالها دون قيود سياسية أو عسكرية.