بئرًا جديدة.. و12 حفارًا في الطريق: خطة طموحة لأباتشي في السوق المصري
من التراجع إلى النمو.. كيف استعادت مصر زخمها في إنتاج الغاز الطبيعي؟

منذ أن أطلقت مصر استراتيجيتها الوطنية لتحولها إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة، بدأت ملامح النجاح تتجلى بوضوح على خريطة الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز، خاصة مع تطوير البنية التحتية، ونجاحات الاكتشافات، وتهيئة بيئة استثمارية واعدة.
ويبدو أن العام 2025 يحمل مؤشرات قوية على عودة الزخم لقطاع الطاقة، مدعومًا بشراكات دولية ونتائج تشغيلية مشجعة، وكان أبرزها ما أعلنته شركة "أباتشي" الأميركية مؤخرًا عن تحقيقها أول نمو سنوي في إنتاج الغاز بمصر منذ أكثر من عقد.
عودة قوية.. و"غاز مصر" على خريطة النمو العالمي
أعلنت شركة "أباتشي" الأمريكية، أحد أعرق الشركاء الدوليين في قطاع الطاقة المصري، عن تسجيلها نموًا سنويًا في إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 9% خلال الربع الأول من عام 2025، لتصل إلى 317.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، وهي أول زيادة من نوعها منذ 12 عامًا، ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا وثقة متجددة في السوق المصري.
استثمارات تتجاوز 112 مليون دولار.. والمزيد قادم
بحسب بيان الشركة، فقد استثمرت "أباتشي" نحو 112 مليون دولار في مصر خلال نفس الفترة، بالإضافة إلى 56 مليون دولار إضافية من شريكتها الصينية "سينوبك"، بما يعكس شراكة ثلاثية ناجحة بين مصر، والولايات المتحدة، والصين، هذه الاستثمارات تُوجَّه لتوسيع عمليات الحفر، مع برنامج يتضمن 12 حفارًا جديدًا، منها واحد مخصص بالكامل لتقييم الغاز، وهو ما يعزز فرص اكتشافات إضافية.
إنتاج النفط يتراجع.. لكن الغاز يعوّض الفارق
رغم تراجع إنتاج البترول بنسبة 1% ليصل إلى 86.7 ألف برميل يوميًا، فإن ارتفاع عوائد الغاز إلى 91 مليون دولار (مقارنة بـ77 مليونًا العام الماضي) غطّى جانبًا كبيرًا من التراجع، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط عالميًا، كما بلغ عدد الآبار الجديدة التي تم حفرها خلال الربع الأول 18 بئرًا منتجة، ما يعكس أداءً تشغيليًا نشطًا.
دعم مصري رسمي وتحسين في معدلات التحصيل
من المؤشرات الإيجابية أيضًا، بحسب الشركة، تحسن معدلات التحصيل المالي من الحكومة المصرية، ممثلة في الهيئة العامة للبترول، خلال الأرباع الأخيرة، ما يعكس التزام الدولة تجاه شركائها ويعزز ثقة المستثمرين.
السياق الدولي ومكانة مصر
وتأتي هذه الطفرة في وقت اتجهت فيه العديد من الدول إلى ترشيد إنتاجها وتعزيز كفاءة تشغيلها، بينما تعمل مصر على توسيع شبكة بنيتها التحتية، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار، وتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والتصدير، في إطار خطتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الطاقة.
نجاح "أباتشي" في تحقيق هذا النمو التاريخي ما هو إلا مؤشر على ما ينتظر مصر من طفرات في مجال الطاقة، خاصة في ظل وضوح الرؤية السياسية، والدعم المؤسسي، وعودة ثقة الشركاء العالميين، وإذا استمر هذا الزخم، فإن مصر قد تسجل فصولًا جديدة في سجلها كدولة منتجة ومصدّرة للغاز، لا مجرد مستهلكة له.