المنطقة الصناعية الروسية.. استثمار استراتيجي في قلب قناة السويس

محطة "الضبعة النووية" ليست مجرد مشروع طاقة، بل تُعد نقلة نوعية في مسيرة مصر التنموية، وخطوة جريئة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
وعبّر الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تقديره الكبير لهذا المشروع الضخم الذي تنفذه روسيا على الأراضي المصرية، مؤكدًا أنه يمثل شراكة استراتيجية حقيقية، ويُبرز تقدم مصر بخطى واثقة نحو المستقبل، في تعاون يعكس الثقة والتفاهم بين دولتين من أكبر القوى على الساحة الدولية.
زيارة تعزز التعاون
زيارة الرئيس السيسي الأخيرة إلى موسكو، بمناسبة احتفالات "عيد النصر"، حملت رسائل سياسية واقتصادية مهمة، وأكدت على عمق العلاقات المصرية الروسية.
خلال اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تمت مناقشة ملفات عديدة، أبرزها مشروع محطة الضبعة النووية، والمنطقة الصناعية الروسية بمنطقة قناة السويس.
وأكد الطرفان أهمية دعم التعاون الثنائي في مختلف المجالات، خاصةً في ظل الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وُقعت عام 2018.
محطة الضبعة.. خطوة تاريخية في ملف الطاقة
مشروع محطة الضبعة يُعد تتويجًا لسنوات من التخطيط والعمل، حيث تم توقيع الاتفاق الأساسي لبنائها عام 2015. وفي يناير 2024، شهد الرئيسان السيسي وبوتين عبر الفيديو بدء صب الخرسانة الأولى للوحدة الرابعة من المحطة.
المحطة تتكون من أربع وحدات نووية، قدرة كل منها 1200 ميجاوات، بإجمالي إنتاج 4800 ميجاوات، وهي طاقة كافية لتغطية احتياجات ملايين المواطنين ودعم الصناعات الكبرى.
المفاعلات المستخدمة من نوع الماء المضغوط VVER-1200، وتُعد من أكثر أنواع المفاعلات أمانًا وانتشارًا عالميًا.
أثر اقتصادي وتنموي واسع
إلى جانب إنتاج الكهرباء، سيسهم المشروع في تخفيف الضغط على موارد الطاقة التقليدية، وتقليل الاعتماد على الغاز والبترول، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
كما سيوفر المشروع آلاف فرص العمل، ويسهم في نقل التكنولوجيا النووية إلى مصر، مما يدعم البحث العلمي ويُعزز القدرات المحلية في هذا المجال الحيوي.
لم تقتصر المباحثات المصرية الروسية على الطاقة فقط، بل امتدت إلى مشروع المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، والتي تهدف إلى جذب الشركات الروسية للإنتاج داخل مصر، وتوفير قاعدة تصدير للمنطقة بأكملها.
واتفق الطرفان على أهمية دعم أعمال اللجنة المشتركة المقبلة لتعزيز التعاون في مجالات مثل الصناعة، الزراعة، الطاقة، والسياحة.
ما بعد الضبعة؟
مشروع محطة الضبعة قد يكون بداية لعصر نووي جديد في مصر، ومع نجاح تنفيذها، من المتوقع التفكير في إنشاء محطات أخرى في المستقبل، خاصة مع تزايد الطلب على الطاقة والاتجاه العالمي نحو الطاقة النظيفة.
الضبعة ليست مجرد محطة توليد كهرباء، بل هي مشروع وطني متكامل، يُجسد شراكة استراتيجية مع روسيا، ويعكس إرادة مصر في التحول إلى دولة رائدة في مجال الطاقة المتقدمة.
هي البداية فقط لمستقبل مختلف تسعى إليه مصر بثقة، مدفوعة برؤية واضحة وتعاون دولي بنّاء.