تداعيات الحرب الهندية الباكستانية على الصادرات المصرية

في خضم التصعيد العسكري المتزايد بين الهند وباكستان، تتزايد المخاوف إقليمياً ودولياً من تأثير هذا التوتر الجيوسياسي على سلاسل الإمداد والتجارة الدولية، لا سيما مع الموقع الاستراتيجي لكل من نيودلهي وإسلام آباد في منظومة التجارة الآسيوية.
هل يتأثر الاقتصاد المصري؟
وبينما تترقب أسواق العالم مآلات هذا الصراع المحتمل، تُطرح تساؤلات حول مدى تأثر الاقتصاد المصري، وبالأخص قطاع الصادرات، بهذا التوتر.
فعلى الرغم من محدودية حصة الهند وباكستان في إجمالي الصادرات المصرية، إلا أن تشابك الأسواق العالمية يجعل من الضروري تقييم مدى الانكشاف المصري على هاتين الدولتين.
فهل تستطيع مصر الصمود أمام اضطراب محتمل في جنوب آسيا؟ وهل يحمل التصعيد في طياته فرصًا بديلة للمنتجات المصرية في ظل تعطل سلاسل التوريد القادمة من المنطقة؟
هذه الأسئلة تكتسب أهمية متزايدة في وقت تسعى فيه مصر لتعزيز مكانتها كمصدر إقليمي في ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية.
أكد أحمد زكي، أمين عام شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن التصعيد العسكري بين الهند وباكستان لن يؤثر على الصادرات المصرية، مشيرًا إلى أن استراتيجية التنوع الجغرافي التي تنتهجها الدولة في الأسواق التصديرية كفيلة بحماية الاقتصاد الوطني من أية تداعيات محتملة.
وأضاف زكي، أن التوتر القائم بين نيودلهي وإسلام أباد، على الرغم من خطورته، لن يصل إلى حد اندلاع حرب شاملة أو استخدام الأسلحة النووية، مرجحًا أن تشهد الأزمة تصعيدًا محسوبًا يعقبه تهدئة للحفاظ على استقرار اقتصاد البلدين.
العلاقات التجارية بين مصر والهند
وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين مصر والهند بلغ 4.2 مليار دولار خلال عام 2024، ويستهدف البلدان رفعه إلى 12 مليار دولار، في ضوء ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات اللجنة التجارية المشتركة في سبتمبر الماضي.
كما تعمل نحو 55 شركة هندية في السوق المصرية باستثمارات تتجاوز 3.75 مليار دولار.
العلاقات التجارية مع باكستان
وفيما يتعلق بالعلاقات التجارية مع باكستان، أشار زكي إلى أن حجم التبادل التجاري بين القاهرة وإسلام أباد بلغ حوالي 400 مليون دولار في عام 2022، مع تركيز الصادرات المصرية على المنتجات الزراعية مثل البصل والثوم والحمضيات.
وتسعى باكستان إلى توقيع اتفاقية تجارة تفضيلية مع مصر لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 4 مليارات دولار، بارتفاع نسبته 900%.
محدودية التأثير ومرونة السوق المصري
وشدد زكي على أن تلك الأرقام تعكس محدودية التعرض المصري لتداعيات الأزمة، حيث لا تمثل الصادرات إلى الهند وباكستان سوى نسبة ضئيلة من إجمالي الصادرات المصرية، والتي تجاوزت 45 مليار دولار سنويًا.
وأشار إلى أن الاعتماد على أسواق متنوعة في أفريقيا وأوروبا والعالم العربي يقلل من المخاطر المرتبطة بالتقلبات الجيوسياسية، مؤكدًا أن طبيعة الصادرات المصرية إلى الهند وباكستان، التي تتركز على السلع الاستراتيجية والمواد الخام، تضمن استمرار الطلب عليها بغض النظر عن الأوضاع الإقليمية.
استمرار العمل بالموانئ وتدفق الصادرات
وأوضح زكي أن العمليات العسكرية الحالية تتركز في المناطق الحدودية، فيما تواصل الموانئ الكبرى مثل مومباي وكاراتشي العمل بكفاءة، ما يضمن استمرار حركة الصادرات والواردات دون تأثر يُذكر.
فرص بديلة للصادرات المصرية
ولفت إلى أن التوتر الإقليمي قد يشكل فرصة لمصر لتعزيز حضورها في الأسواق العالمية، في ظل بحث العديد من الدول عن بدائل للسلع الهندية والباكستانية، خاصة في قطاعات المنسوجات والمنتجات الزراعية والمواد الكيماوية.
وأكد أن تباطؤ الإنتاج في بعض مناطق باكستان المتأثرة بالصراع، وتعطل مصانع النسيج في إقليم البنجاب، يمثل فرصة ذهبية أمام المنتجات المصرية لاقتحام أسواق جديدة، لا سيما في أفريقيا وجنوب شرق آسيا.