رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان
مدير التحرير
نصر نعيم

يعود إلى عهد عثمان بن عفان

رحلة عبر الزمن.. حكاية أقدم مصحف في مصر

مصحف عثمان بن عفان
مصحف عثمان بن عفان

تُعد المصاحف الشريفة من أندر وأهم المقتنيات التي تعكس عراقة التاريخ الإسلامي وجماليات الخط العربي، وقدرتها على الحفاظ على التراث الروحي للأمة الإسلامية. 

وفي مصر، تعد دار الكتب والوثائق القومية واحدة من أهم المؤسسات التي تحتفظ بهذه الكنوز التاريخية التي تشمل مخطوطات دينية تعود إلى أزمنة بعيدة، يعكس كل منها ليس فقط الإبداع الفني، ولكن أيضًا الروحانية التي رافقت صناعة الكتابة والتدوين عبر العصور.

من بين هذه المصاحف النادرة والمحفوظة في دار الكتب، يبرز مصحف سيدنا عثمان بن عفان، الذي يُعتبر واحدًا من أقدم المصاحف المكتوبة في مصر وأقدمها في العالم. 

يحكي هذا المصحف قصة عصر من التحولات في الأمة الإسلامية، وكيف سعى الخليفة عثمان إلى توحيد الأمة في قراءة القرآن الكريم، مما جعله حجر الزاوية في ضبط النص القرآني وضمان وحدته.

المصحف كأداة للحفاظ على الهوية

مصحف سيدنا عثمان، والمصاحف الأخرى المحفوظة في دار الكتب، لا تمثل مجرد مخطوطات دينية، بل هي أدوات ثقافية وحضارية تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من العمل على حفظ الكتاب المقدس وإبراز الجمال الفني المرتبط به. 

تُعد هذه المصاحف بمثابة جسر زمني يصل بين الحاضر والماضي، ويؤكد على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والديني للأمة الإسلامية، وهو ما تؤكده دار الكتب في مصر عبر جهودها الكبيرة في حماية وصيانة هذه الكنوز التراثية التي لا تقدر بثمن.

مصحف سيدنا عثمان: شاهد على وحدة الأمة

كشف د. أسامة طلعت، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، عن واحد من أندر المصاحف المحفوظة في مصر، وهو مصحف سيدنا عثمان بن عفان. 

هذا المصحف المكتوب على جلد غزال، بخط كوفي بسيط، بدون تنقيط أو تشكيل، يُعد شاهدًا حيًا على اللحظة التاريخية التي قرر فيها الخليفة عثمان بن عفان تجميع المصاحف وتوزيعها على الأمصار الإسلامية.

مراحل كتابة المصحف في عهد عثمان بن عفان

في تلك الفترة، شهدت الأمة الإسلامية تنوعًا في قراءات القرآن بسبب اختلاف اللهجات بين العرب.

ومع توسع الدولة الإسلامية، ظهرت مشكلة في القراءة الصحيحة للقرآن الكريم، حيث بدأ بعض المسلمين يخطئون في التلاوة، وهو ما دفع الخليفة عثمان إلى اتخاذ خطوة تاريخية مهمة في عام 650 ميلادي، حيث أمر بنسخ المصحف العثماني وتوزيعه على مختلف مدن العالم الإسلامي.

كتب هذا المصحف دون تنقيط أو تشكيل، لأن العرب في تلك الفترة كانوا يقرؤون النصوص دون الحاجة إلى علامات التشكيل، مما يعكس الطابع السليقي للقراءة. 

كما كان الخط الكوفي هو الخط السائد في تلك الفترة، وهو ما يظهر بوضوح في مصحف سيدنا عثمان المحفوظ في دار الكتب. 

ورغم أن هذه النسخة غير مكتملة، فإنها تعد واحدة من أهم المخطوطات القرآنية في العالم الإسلامي، كما أنها وثيقة تاريخية توثق فترة حاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية.

مصحف سقطت منه الحروف ولكن بقيت قيمته

ورغم أن مصحف عثمان المحفوظ في دار الكتب يُعتبر غير مكتمل، إلا أنه يحمل قيمة تاريخية ودينية هائلة. 

غياب بعض الأجزاء أو الحروف من المصحف لا ينقص من مكانته، بل يزيدها جاذبية؛ إذ أن هذا المصحف يُنسب إلى الخليفة عثمان بن عفان نفسه، الذي أمر بكتابة نسخ القرآن الكريم وتوزيعها في بلاد المسلمين لحفظ القرآن من التحريف أو التلاعب.

تعتبر مخطوطات عثمان واحدة من أولى المحاولات لتوثيق النصوص القرآنية بشكل موحد، وهو ما ساعد على تجنب القراءات المتباينة وانتشر القرآن في أنحاء العالم الإسلامي. 

وقد تم استنساخ العديد من المصاحف في عصر عثمان ثم إرسالها إلى المدن الكبرى مثل دمشق والبصرة والكوفة والفسطاط، لتُوزع بين المسلمين، ليبدأ بذلك توحيد النص القرآني على مستوى العالم الإسلامي.

إرث المصاحف النادرة في دار الكتب

يُعتبر مصحف سيدنا عثمان جزءًا من مجموعة المصاحف النادرة التي تحفظها دار الكتب والوثائق القومية في مصر، والتي تضم أيضًا مصحف الإمام جعفر الصادق، ومصحف ابن قلاوون، ومصحف قلچيتو. 

هذه المصاحف تمثل أدوات ثقافية ودينية أساسية في تاريخ العالم الإسلامي، وتُعد بمثابة شهادات حية على تطور الخط العربي وفنون الكتابة القرآنية عبر العصور.

تم نسخ الرابط