رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان

قناة السويس.. كيف تحولت إلى شريان الاقتصاد العالمي

قناة السويس.. السر وراء اختصار المسافة وكسب مليارات الدولارات

قناة السويس
قناة السويس

في عالم يموج بالأزمات الجيوسياسية والتغيرات المناخية، تظل قناة السويس صرحًا شامخًا وممرًا مائيًا حيويًا لا غنى عنه، فهي الرابط الحيوي بين الشرق والغرب، والاختصار الذي أنقذ التجارة العالمية من تعقيدات الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح، ومع توالي التحديات التي تهدد ممرات ملاحية أخرى مثل قناة بنما، تزداد أهمية قناة السويس، التي تجمع بين الكفاءة الاقتصادية، والقدرة الاستيعابية، والاستقرار السياسي، مما يجعلها الممر الأرخص والأكثر تفضيلًا في العالم.

قناة السويس.. شريان الملاحة العالمي

تمتد قناة السويس عبر الأراضي المصرية، لتربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، مما يوفر اختصارًا استراتيجيًا يختزل آلاف الكيلومترات من طرق التجارة البحرية التقليدية.

وتمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية، وتشكل نقطة عبور رئيسية للطاقة العالمية، إذ تمر عبرها 10% من تجارة النفط العالمية و8% من تجارة الغاز الطبيعي المسال.

وبحسب بيانات هيئة قناة السويس لعام 2024، فقد عبرت القناة 22,609 سفن خلال السنة المالية 2022/2023، بحمولات تجاوزت 1.54 مليار طن، محققة إيرادات غير مسبوقة بلغت 9.4 مليار دولار، وهو أعلى دخل في تاريخ القناة.

قناة بنما وأزمات المنافسة

بينما تتألق قناة السويس بثباتها وكفاءتها، تواجه قناة بنما منافسة شديدة بسبب الأزمات المناخية والسياسية، فقد أدى الجفاف الشديد إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرة جاتون، مما أجبر إدارة قناة بنما على خفض عدد السفن المارة يوميًا من 38 إلى 24 فقط.

وقدرت وكالة "بلومبرج" أن أزمة الجفاف في قناة بنما خلال عام 2023 كلفت الاقتصاد العالمي حوالي 700 مليون دولار، بالإضافة إلى أزمات سياسية زادت المخاوف بشأن استقرار القناة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في ديسمبر 2024 حول نية "استعادة السيطرة" على القناة.

بدائل محدودة أمام التجارة العالمية

رغم محاولات البحث عن بدائل أخرى، مثل قناة "كيل" الألمانية والممر البحري الشمالي عبر القطب الشمالي، إلا أن جميعها تواجه قيودًا جغرافية وبيئية، فمثلا، قناة كيل لا تسمح بمرور السفن العملاقة نظرًا لضيق عرضها (44 مترًا فقط)، فيما يعاني الممر الشمالي من تجمد الجليد وارتفاع تكاليف التأمين، مما يجعله خيارًا موسميًا وليس دائمًا.

لماذا قناة السويس هي الأرخص؟

تتمتع قناة السويس بعدة عوامل تجعلها أكثر اقتصادية من منافسيها:
اختصار المسافة: تقلل زمن الرحلة البحرية بين آسيا وأوروبا بما لا يقل عن 10-15 يومًا مقارنة بالطريق البديل.

خفض تكاليف الوقود: اختصار المسافات يقلل استهلاك الوقود بشكل كبير، وهو ما يوفر على الشركات ملايين الدولارات سنويًا.

الرسوم المرنة: تعتمد هيئة قناة السويس سياسة تسعير مدروسة تهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم حركة التجارة وزيادة الإيرادات.

كيف يتم تحديد رسوم عبور قناة السويس؟

تعتمد هيئة قناة السويس على نظام تسعير ديناميكي يأخذ في الاعتبار عدة عوامل، أبرزها:
نوع السفينة وحمولتها: كلما زادت الحمولة الصافية، زادت الرسوم.

نوع الحمولة المنقولة: سفن النفط والغاز والمواد الثقيلة لها تسعير مختلف.

الاتجاهات السوقية: يتم تعديل الرسوم استنادًا إلى أسعار النفط، وحالة الاقتصاد العالمي، ومعدلات الطلب على النقل البحري.

برامج الحوافز: تقدم الهيئة خصومات موسمية للسفن التي تستخدم القناة بشكل متكرر، أو للممرات الجديدة التي تسعى مصر إلى جذبها.

وقد ساعدت هذه السياسات في تعزيز تنافسية القناة، مع الحفاظ على جاذبيتها لشركات الملاحة الكبرى.

تطورات مستمرة تعزز الريادة

لم تكتف مصر بتطوير قناة السويس الجديدة التي افتتحت عام 2015، بل استمرت في تنفيذ مشروعات طموحة مثل:

مشروع ازدواج البحيرات المرة: لزيادة الطاقة الاستيعابية وتسهيل حركة المرور.

التحول الرقمي الكامل: لتقديم خدمات إلكترونية متكاملة للسفن وتقليل زمن الانتظار.

المشروعات الصناعية واللوجستية بقناة السويس الاقتصادية: التي خلقت آلاف الوظائف وجذبت استثمارات عالمية.

تم نسخ الرابط