موجة صفقات كبرى تعيد وهج العملات الرقمية في عهد ترامب

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موجة جديدة من النشاط في سوق العملات الرقمية بعد إعلانه دعمًا صريحًا للأصول الرقمية؛ ما شجع الشركات على الدخول في صفقات كبرى مدفوعة بتوقعات بتخفيف التنظيمات الأمريكية وتزايد الاهتمام الشعبي بالقطاع؛ وفق تقرير نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية.
وأوضح التقرير أن شركة "توينتي ون كابيتال" وهي شركة استثمارية جديدة تركز على العملات الرقمية اعلنت نيتها عن دخول أسواق العملات الرقمية العامة من خلال اندماج بقيمة 3.6 مليار دولار مع شركة استحواذ ذات غرض خاص يقودها براندون لوتنيك نجل وزير التجارة الأمريكي والمقرب من ترامب، هوارد لوتنيك.
وبدعم من عملاق العملات المستقرة "تاثر" ومجموعة "سوفت بنك" اليابانية، تخطط الشركة لجمع مليارات الدولارات من بتكوين وإصدار ديون لشراء المزيد منه وهو نموذج تجاري عالي المخاطر سبق أن تبنته شركة البرمجيات "مايكروستراتيجي" التي تحولت إلى مستثمر ضخم في بتكوين.
وتعد صفقة "توينتي ون" ثالث صفقة كبرى في قطاع العملات الرقمية بقيمة تفوق المليار دولار تعلن في أقل من شهرين؛ وتأتي في وقت تباطأت فيه وتيرة الاندماجات والاستحواذات في قطاعات أخرى بسبب تقلبات السوق الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب والغموض المحيط بسياسات مكافحة الاحتكار.
وبحسب بيانات شركة الاستشارات المالية الأمريكية "آركيتكت بارتنرز"، فقد شهد قطاع العملات الرقمية حتى الآن خلال عام 2025 تنفيذ 88 صفقة بقيمة إجمالية تبلغ 8.2 مليار دولار، ما يعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف القيمة الإجمالية للصفقات التي أُنجزت خلال عام 2024 بأكمله، والتي بلغت 188 صفقة.
وقال إريك ريسلي، مؤسس شركة "آركيتكت بارتنرز"، إن هناك تفاؤلًا واسعًا بأن الأمور قد تغيرت فعليًا، موضحًا: "اللاعبون الكبار في عالم العملات الرقمية عادوا إلى وضعية النمو، وأحد أدواتهم لتحقيق هذا النمو هو الاستحواذات".
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن العام الجاري قد يتجاوز الرقم القياسي للصفقات المسجل في عام 2021، حين بلغت القيمة الإجمالية للصفقات نحو 17 مليار دولار بدعم من موجة صعود قوية في سوق العملات الرقمية.
وكانت صفقات العملات الرقمية قد شهدت تراجعًا حادًا قبل أكثر من عامين بعد انهيار بورصة العملات الرقمية "اف تي اكس" التابعة لسام بانكمان-فرايد، ما أدى إلى تشديد تنظيمي وهبوط حاد في أسعار العملات غير أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض أدت إلى تغيير المناخ التنظيمي، بحسب مستشارين ماليين، الذين يرون أن عام 2025 سيكون نقطة انطلاق جديدة في نشاط صفقات الأصول الرقمية.
وتعهد ترامب بتعيين منظمين مؤيدين للعملات الرقمية، كما وعد بجعل الولايات المتحدة "قوة لا تنازع في عالم بتكوين"، بينما يعمل الكونجرس ذو الأغلبية الجمهورية، على دفع تشريعات لإرساء إطار تنظيمي دائم للأصول الرقمية.
من جانبه، قال ألكسندر يافورسكي، الرئيس المشارك لبنك الاستثمار في قسم المؤسسات المالية العالمية بشركة "جيفريز"، إن مناخ صفقات العملات الرقمية حاليًا "أكثر إيجابية من أي وقت مضى".
وتركز أحدث صفقة كبرى في هذا القطاع على تمكين المستثمرين من القيام برهانات مالية مضاعفة على بتكوين أكبر وأقدم العملات الرقمية وتنضم شركة "توينتي ون"، التي أُعلن عن إطلاقها يوم الأربعاء الماضي إلى قائمة الشركات التي تتبنى إستراتيجية "خزينة بتكوين" الشهيرة، والتي تقوم على إدراج بتكوين في الميزانية العمومية وإصدار ديون لشراء المزيد، على أمل استمرار صعود الأسعار.
ورغم الحماسة الكبيرة، يحذر العديد من المحللين المخضرمين في بورصة وول ستريت من أن نموذج الأعمال القائم على شراء وتخزين بتكوين فقط محفوف بالمخاطر وغير مستدام فقد يؤدي هذا النموذج إلى خسائر ضخمة عند تراجع أسعار بتكوين، كما حدث مرارًا في تاريخه.
ففي الربع الأول من العام، سجلت "مايكروستراتيجي" خسارة بلغت 5.91 مليار دولار في حيازاتها من الأصول الرقمية، نتيجة تراجع سعر بتكوين، كما أعلنت شركة "تسلا" هذا الأسبوع عن خسارة بقيمة 125 مليون دولار على استثماراتها في بتكوين وكانت شركة إيلون ماسك قد أعلنت لأول مرة عن شراءها للبتكوين في عام 2021.