قناة السويس رحلة تطور عبر العصور.. أين كانت أمريكا وقت افتتاحها؟

في الوقت الذي نطق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمره الأخير عبارة: "لولا أمريكا لما وجدت قناة السويس"، أعاد دون أن يدري فتح صفحات من التاريخ تشهد على عبقرية الإنسان المصري، الذي حلم قبل آلاف السنين بشق طريق بين بحرين عظيمين، ليصنع مجدًا لا تملكه إلا الحضارات العظيمة.
قناة السويس لم تتواجد صدفة بل بدأت عبر ملحمة مع الفراعنة واستكملتها الأجيال، رغم المكائد والأطماع الدولية.
ويستعرض موقع "تفصيلة" القصة الكاملة عن هذا الشريان العالمي، وكيف كانت أوضاع أمريكا حين وُلدت قناة السويس إلى العالم؟
جذور فكرة قناة السويس
تعود أولى محاولات الربط بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر إلى عصر الفراعنة، حيث أنشأ الفرعون سنوسرت الثالث قناة تربط نهر النيل بالبحيرات المرة ومن ثم البحر الأحمر، بهدف دعم التجارة وتسهيل المواصلات بين الشرق والغرب.
وعلى مدار العصور، شهدت هذه الفكرة عدة محاولات لإعادة إحياء هذا الممر المائي، أبرزها على يد الفرعون نخاو الثاني وملك الفرس دارا الأول، لكنها لم تؤتِ ثمارها الكاملة بسبب التحديات الجغرافية والتقنية في تلك العصور.
ولادة قناة السويس الحديثة
يُعد تاريخ إنشاء قناة السويس الحديثة بداية من فرمان الامتياز الأول الصادر في 30 نوفمبر 1854 نقطة التحول الحقيقية، عندما منح الخديوي سعيد المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس حق تأسيس شركة لشق قناة ملاحية تربط البحرين، تبع ذلك فرمان الامتياز الثاني عام 1856، الذي أكد حياد القناة وأسس لحقوق المرور المتساوية لكل الدول دون تفرقة.
أسست الشركة العالمية لقناة السويس البحرية عام 1858 برأسمال قدره 200 مليون فرنك، وقد اضطرت مصر إلى استدانة مبالغ ضخمة لشراء نصيبها من الأسهم بعد رفض إنجلترا وأمريكا ودول أخرى المشاركة في الاكتتاب.
معجزة الحفر والافتتاح التاريخي
بدأت أعمال الحفر فعليًا في 25 أبريل 1859 رغم الاعتراضات الدولية، وبعد عقد من الزمن من العمل الشاق والمواجهات السياسية، شهد العالم حدثًا استثنائيًا بافتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، في احتفال مهيب حضرته شخصيات من أوروبا والعالم، ليعلن ميلاد ممر مائي يغير خارطة التجارة العالمية.
الولايات المتحدة وقت افتتاح قناة السويس
خلال فترة افتتاح قناة السويس، كانت الولايات المتحدة خارجة لتوها من الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865)، وكانت في طور إعادة الإعمار الداخلي.
لم تكن أمريكا آنذاك قوة عظمى في التجارة العالمية البحرية، وكانت تركز على استعادة استقرارها السياسي والاقتصادي، مما يفسر عدم مشاركتها في تمويل القناة رغم دعوتها لذلك.
في المقابل، كانت القوى الأوروبية، لا سيما بريطانيا وفرنسا، أكثر حضورًا وتأثيرًا في المشروعات العالمية الكبرى، بما في ذلك قناة السويس.
قناة السويس اليوم
منذ افتتاحها وحتى الآن، تطورت قناة السويس عبر عدة مراحل توسعية وتحديثات كبرى، أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة عام 2015، الذي أضاف مسارًا جديدًا لتسهيل الملاحة وتقليل زمن العبور.
وتبقى قناة السويس شريانًا حيويًا للاقتصاد العالمي، إذ تمر عبرها نحو 10% من التجارة البحرية العالمية، ومصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي لمصر.