مدد يا بدوي.. هل تعود الحرائق إلى بيت الأمة بعد ترشح السيد البدوي؟
في توقيت بالغ الحساسية أعلن الدكتور السيد البدوي ترشحه لرئاسة حزب الوفد، ليعيد إلى الواجهة واحدا من أكثر الملفات السياسية جدلا في الحياة الحزبية المصرية، وهو ملف أزمات حزب الوفد المتراكمة التي لم تهدأ منذ سنوات طويلة، بل ظلت تتجدد مع كل محطة انتخابية داخلية أو صراع قيادي، خاصة منذ ما بعد عام 2011.
تاريخ عريق وأزمات لا تنتهي
رغم ما يتمتع به حزب الوفد من تاريخ سياسي ممتد منذ تأسيسه عام 1918، وما يحمله من رمزية وطنية كبيرة، فإن العقد الأخير شهد تراجع ملحوظ في دوره السياسي، تزامنا مع أزمات داخلية حادة بدأت تتصاعد بوضوح عقب ثورة يناير 2011.
وخلال الفترة من 2011 إلى 2020، واجه الحزب سلسلة من الخلافات القيادية والانقسامات التنظيمية، وتبادل الاتهامات بين جبهات متصارعة داخل بيت الأمة، وهو ما انعكس سلبا على حضوره البرلماني والشعبي، مقارنة بمكانته التاريخية.
حقبة السيد البدوي
تعد فترة رئاسة السيد البدوي لحزب الوفد، والتي امتدت من مايو 2010 وحتى 2018، من أكثر الفترات إثارة للجدل في تاريخ الحزب الحديث.
فقد شهد الوفد خلالها صراعات داخلية حادة، بلغت ذروتها في أعوام 2012 و2015، ووصلت في بعض الأحيان إلى حد الاعتصامات داخل المقر الرئيسي، فضلا عن تبادل الاتهامات بشأن إدارة الحزب، والتحالفات السياسية، وآليات اتخاذ القرار.
ويرى منتقدو البدوي أن تلك المرحلة ساهمت في تعميق الانقسامات وإضعاف البناء التنظيمي للحزب، بينما يرى أنصاره أنه واجه ظروف سياسية استثنائية فرضتها المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة، وأن الخلافات كانت نتاج للسياق العام وليس لشخصه.
أزمات متتالية وانقسامات (2013 – 2024)
مر حزب الوفد خلال هذه السنوات بعدة أزمات متعاقبة، أبرزها صراعات متكررة بين الهيئة العليا ورؤساء الحزب منذ 2013، اتهامات بالإقصاء والتفرد بالقرار في أكثر من دورة قيادية، كما تراجعت القواعد الجماهيرية والتمثيل البرلماني في انتخابات 2015 و2020.
شهد حزب الوفد خلافات متصاعدة بشأن المواقف السياسية والتحالفات الانتخابية، بلغت ذروتها في أواخر عام 2023، عندما أعلن عبد السند يمامة ترشحه لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، رغم اعتراض عدد من قيادات الحزب على هذه الخطوة.
وبعد إجراء الانتخابات، جاءت النتائج مخيبة لآمال القواعد الوفدية، إذ حل يمامة في ذيل قائمة المرشحين، في وقت ذهب فيه المركزان الأول والثاني إلى رئيسي حزبين أحدث عهدا في الحياة السياسية، هما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب الشعب الجمهوري.
وعقب إعلان النتائج، بادر عدد من أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل، تمهيدا لبحث سحب الثقة من يمامة، متهمين إياه بالإضرار بصورة الحزب والإساءة إلى تاريخه ووقاره، على خلفية ما وصفوه بالأداء الضعيف في الانتخابات الرئاسية.
هذه الخلافات أفقدت الحزب قدرته على لعب دور مؤثر في المشهد السياسي، رغم ما يحمله اسمه من ثقل تاريخي.
ترشح البدوي في 2025.. عودة أم تصفية حسابات؟
إعلان السيد البدوي الترشح مجددا لرئاسة الحزب في عام 2025 أعاد إشعال الجدل داخل الأوساط الوفدية، حيث اعتبره البعض محاولة للعودة إلى المشهد السياسي واستعادة ما يراه حقا مشروعا في قيادة الحزب، بينما رأى آخرون أن الترشح يحمل في طياته تصفية حسابات قديمة مع خصومه داخل الحزب في ظل استمرار خلافات ممتدة منذ سنوات مع عدد من القيادات الحالية والسابقة.