رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

طبيب نفسي يحذّر: الذكاء الاصطناعي لا يعوّض التعاطف الإنساني في العلاج

ذكاء اصطناعي
ذكاء اصطناعي

في ظل التوسع المتسارع لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، يبرز الجدل بقوة حول حدود هذه التقنيات في المجال الطبي، لا سيما في تخصص دقيق وحساس مثل الطب النفسي.

وفي هذا السياق، أطلق الدكتور عبد الناصر عمر، أستاذ الطب النفسي، تحذيرًا صريحًا من الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المرضى النفسيين، مؤكدًا أن هذه البرامج تفتقر إلى أبسط مقومات العلاج النفسي، وعلى رأسها التعاطف الإنساني والتفاعل الوجداني الحقيقي.

الطب النفسي ليس بيانات فقط.. بل علاقة إنسانية معقدة

أكد أستاذ الطب النفسي أن العلاج النفسي لا يقوم فقط على تشخيص الأعراض أو وصف الأدوية، بل يعتمد بشكل أساسي على العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض، وهي علاقة قائمة على الفهم العاطفي، والاحتواء، والقدرة على قراءة المشاعر والانفعالات، وهي عناصر لا يمكن لأي برنامج إلكتروني أو خوارزمية رقمية أن تحاكيها بدقة.

وأوضح أن المريض النفسي يحتاج إلى الشعور بالأمان والثقة، وإلى من يصغي له بإنسانية، ويفهم ما وراء الكلمات من ألم وخوف واضطراب، وهي أمور تتجاوز حدود التحليل الرقمي والمعالجة الآلية للمعلومات.

موقف حاسم: رفض العلاج النفسي عبر برامج الذكاء الاصطناعي

وخلال مداخلة له في برنامج “الحكاية” المذاع عبر فضائية “إم بي سي مصر”، عبّر الدكتور عبد الناصر عمر عن موقفه الرافض بوضوح لفكرة الحصول على المعلومات الطبية أو تلقي العلاج النفسي من خلال برامج الذكاء الاصطناعي، مشددًا على أن الاعتماد عليها بشكل مباشر في هذا المجال قد يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة المرضى النفسية.

وأشار إلى أن هذه البرامج، مهما بلغت درجة تطورها، تظل أدوات جامدة تفتقر إلى الإحساس الإنساني، ولا يمكنها إدراك تعقيدات النفس البشرية أو التفاعل مع الحالات النفسية المتغيرة والمتداخلة

الذكاء الاصطناعي بين الفائدة العلمية والخطر العلاجي

ورغم موقفه المتحفظ، لم ينكر أستاذ الطب النفسي وجود بعض الجوانب الإيجابية التي يمكن الاستفادة فيها من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن استخدامها يجب أن يظل في إطار المساعدة العلمية لا البديل الطبي.

وأوضح أن هذه البرامج قد تكون مفيدة في إجراء مقارنات علمية بين الأدوية النفسية المختلفة، وتحليل نتائج الدراسات، والمساعدة في اختيار العلاج الأنسب من حيث الفاعلية أو الأعراض الجانبية، وذلك كأداة مساعدة للطبيب، وليس كبديل عنه.

تشخيص بلا روح.. لماذا يفشل الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي؟

بحسب رؤية المتخصصين، فإن الذكاء الاصطناعي يعتمد في عمله على تحليل البيانات المدخلة إليه، ومقارنتها بأنماط مخزنة مسبقًا، دون القدرة على إدراك السياق النفسي والاجتماعي الكامل للمريض، أو التغيرات الدقيقة في نبرة الصوت، أو لغة الجسد، أو المشاعر المكبوتة، وهي عناصر أساسية في التشخيص والعلاج النفسي.

كما أن البرامج الإلكترونية لا تستطيع التعامل مع الحالات الطارئة التي تتطلب تدخلاً إنسانيًا سريعًا، ولا يمكنها تقدير خطورة بعض الأفكار الانتحارية أو الاضطرابات العميقة بنفس كفاءة الطبيب المتخصص.

مخاوف أخلاقية ومهنية من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا

يثير التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، وخاصة النفسي، مخاوف أخلاقية ومهنية متزايدة، تتعلق بسرية البيانات، ودقة التشخيص، وتحمل المسؤولية في حال حدوث خطأ طبي، فضلًا عن التأثير النفسي السلبي على المرضى الذين قد يشعرون بالعزلة أو الإهمال عند التعامل مع آلة بدلاً من إنسان.

وأكد عبد الناصر عمر أن المريض النفسي في حاجة ماسة إلى التفاعل الإنساني الحقيقي، لا إلى ردود آلية قد تزيد من شعوره بالاغتراب أو الفقدان العاطفي.

 

تم نسخ الرابط