رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

نمو صادرات قياسي يتجاوز تريليون دولار.. كيف حولت الصين الضغوط الأميركية إلى فرص؟

الصادرات الصينية
الصادرات الصينية

تتحرك الصين بخطوات ثابتة لإعادة صياغة موقعها في الاقتصاد العالمي، في ظل تصاعد الضغوط التجارية التي فرضتها واشنطن منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. 

ومع نهاية الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، أظهرت البيانات أن بكين نجحت في تحويل التحدي إلى فرصة، عبر توسيع حضورها التجاري في أسواق بديلة، وتحقيق فائض تاريخي في الميزان التجاري تجاوز تريليون دولار لأول مرة. 

هذا الزخم يأتي فيما تستمر الحكومة الصينية في موازنة خطط دعم الطلب المحلي مع الحفاظ على قوتها التصديرية، وسط ترقب لاجتماعات اقتصادية حاسمة قد تحدد مسار الاقتصاد الأكبر في آسيا خلال العام المقبل.

الصادرات الصينية للولايات المتحدة هبطت بنسبة 17.6% خلال شهر | الهيئة  الوطنية للإعلام

فائض تاريخي مدفوع بإعادة توجيه الصادرات

وكشفت البيانات الرسمية أن فائض الميزان التجاري الصيني خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2025 تجاوز حاجز التريليون دولار، في سابقة تعكس نجاح بكين في توظيف أسواق جديدة لتعويض التراجع الحاد في الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة، حيث هبطت الشحنات إلى السوق الأميركية بمعدل يقارب الثلث، نتيجة الرسوم الجمركية المرتفعة التي لا يزال متوسطها يدور حول 47.5%.

وفي المقابل، قادت أوروبا وأستراليا واقتصادات جنوب شرق آسيا نمو الصادرات، مع زيادات لافتة وصلت إلى 35.8% في السوق الأسترالية و14.8% في الاتحاد الأوروبي.

تعافي الصادرات رغم الرسوم

وأظهرت بيانات الجمارك ارتفاع الصادرات الصينية في نوفمبر بنسبة 5.9% على أساس سنوي، متجاوزة التوقعات الرسمية، بعد انكماش طفيف خلال أكتوبر، كما سجلت الواردات نموًا محدودًا بنسبة 1.9%، رغم توقعات أكبر من جانب الأسواق.

وسجل فائض الميزان التجاري خلال نوفمبر وحده 111.68 مليار دولار، وهو الأعلى منذ يونيو الماضي، مقابل 90.07 مليار دولار في أكتوبر.

وتشير تحليلات "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن تخفيف التعريفات المتفق عليه حديثًا بين بكين وواشنطن لم ينعكس فعليًا على الشحنات الأميركية، إلا أن ديناميكيات التصدير الكلية عادت إلى التحسن بفضل إعادة توزيع التجارة نحو أسواق واعدة.

الصادرات الصينية تخالف التوقعات بأكبر تباطؤ في 6 أشهر

أسواق بديلة ومراكز إنتاج جديدة

ومنذ انتخابات 2024 الأميركية، ركزت الصين على شراكات جديدة، وتأسيس قواعد إنتاج خارجية تسمح بتجاوز الرسوم المرتفعة، ووفق البيانات، ارتفعت صادرات جنوب شرق آسيا بنحو 8.2%، في وقت تستمر فيه الشركات الصينية بشراء معدات إنتاج محلية لتعزيز وجودها الصناعي الدولي، مستفيدة من نقص عالمي في الرقائق منخفضة المواصفات.

ويشير خبراء مجموعة "أوراسيا" إلى أن الطلب المتزايد على المعدات الإلكترونية والرقائق كان محركًا رئيسيًا للارتفاع الأخير في أرقام التصدير.

ترقب لسياسات تحفيز اقتصادي جديدة

وتزامن تحسن البيانات مع صعود في قيمة اليوان، فيما يتطلع المستثمرون إلى ما ستسفر عنه اجتماعات الحزب الشيوعي، بعد تعهدات بزيادة التحفيز المحلي وتقليل الاعتماد المفرط على التصدير.

وتظهر تقديرات مستقلة أن انخفاض الوصول للسوق الأميركية اقتطع نحو نقطتين مئويتين من نمو الصادرات، ما يعادل 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما لا تزال مؤشرات PMI في نطاق الانكماش للشهر الثامن على التوالي، رغم تحسن الطلب الخارجي.

معادن الأرض النادرة، كنوز صغيرة تشعل سباق النفوذ العالمي - إيجي إن

قفزة في صادرات المعادن النادرة

في سياق متصل، ارتفعت صادرات الصين من المعادن النادرة بنسبة 26.5% خلال نوفمبر، وهو أول شهر كامل بعد اتفاق الرئيسين شي وترامب على تسريع توريد المعادن الاستراتيجية، كما تتجه واردات فول الصويا نحو تسجيل مستوى سنوي قياسي، إلا أن الضعف في الطلب الداخلي ما زال واضحًا عبر تراجع واردات النحاس المستخدم في البناء والصناعة.

وتؤكد تقديرات ING أن التحول نحو نموذج نمو قائم على الطلب المحلي سيحتاج وقتا، لكنه يمثل خطوة ضرورية لضمان استقرار الاقتصاد الصيني في المرحلة المقبلة.

تم نسخ الرابط