مأساة في حمام السباحة.. النيابة تكشف إهمالاً تسبب في وفاة بطل الجمهورية الصغير

شهدت الساحة الرياضية المصرية صدمة كبيرة بعد وفاة اللاعب يوسف محمد أحمد عبد الملك، البالغ من العمر 12 عامًا، أثناء مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة المقامة بمجمع حمامات السباحة باستاد القاهرة الدولي. وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن مفاجآت هزّت المجتمع الرياضي، حيث أظهرت مقاطع مرئية وإفادات شهود وقوع إهمال جسيم أدى إلى وفاة اللاعب الصغير.

معاينة الواقعة وضبط الأدلة

وباشرت النيابة العامة تحقيقاتها فور ورود البلاغ، حيث انتقلت إلى محل الواقعة لمعاينته. وأظهرت المعاينة الأولية عدم وجود أجهزة مراقبة كافية لتوثيق مجريات البطولة، ما دفع النيابة إلى الانتقال إلى مقر الاتحاد المصري للسباحة لضبط المستندات الرسمية المتعلقة بإجراءات إقامة البطولة ومراحلها كافة، إلى جانب الملف الطبي الخاص بالمجني عليه ومقطع مرئي كامل يظهر الواقعة بالتفصيل.

وتحفظت النيابة على أجهزة التسجيل الخاصة بالمراقبة لتفريغ محتواها، واستجوبت المستندات الرسمية المتعلقة بالإشراف الطبي على البطولة، لضمان التحقق من مدى الالتزام بالإجراءات القانونية والطبية المتبعة.

التحقيقات الطبية والطب الشرعي

تم الانتقال إلى مستشفى دار الفؤاد لإجراء مناظرة لجثمان المجني عليه، مع ندب مصلحة الطب الشرعي لتشريحه. وركزت التحقيقات على تحديد سبب الوفاة، وما إذا كان يوسف يعاني من أي أمراض تمنعه من الاشتراك في البطولات الرياضية، بالإضافة إلى تقييم مدى اتباع الإجراءات الطبية الصحيحة عقب انتشاله من المسبح وحتى وفاته وفق الأصول المهنية والطبية المتعارف عليها.

شهادات تكشف الإهمال والتقصير

استمعت النيابة العامة إلى شهادة والد المجني عليه، ووالد إحدى المتسابقات، والمدرب الخاص باللاعب، الذين أكدوا جميعًا وقوع إهمال من جانب منظمي البطولة، بما في ذلك الاتحاد المصري للسباحة، المنقذون، والحكام، نتيجة عدم الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للسباحة وحماية اللاعبين.

كما استمعت النيابة إلى ما يزيد على عشرين شاهدًا من بينهم مدير عام الدعم ومتابعة الهيئات الرياضية، وعضو اللجنة الطبية لسلامة وصحة اللاعبين بوزارة الشباب والرياضة، والمدير التنفيذي للاتحاد المصري للسباحة، والمدير التنفيذي للاتحاد المصري للغوص والإنقاذ، والأطباء الذين تعاملوا مع اللاعب وقت الواقعة، وجميعهم أكدوا وقوع تقصير جسيم من الحكم العام ومنقذي البطولة.

الفيديوهات تكشف لحظات مأساوية

أظهرت مقاطع الفيديو التي ضبطتها النيابة  بعد تفريغها بالكامل  أن يوسف سقط إلى قاع المسبح فور وصوله إلى نقطة نهاية السباق، دون أن يلحظه أي من المنقذين أو الحكام، حتى تم اكتشاف غرقه أثناء السباق التالي بعد مرور ثلاث دقائق وأربع وثلاثين ثانية.

وتم التأكد من وجود طاقم طبي كامل يضم طبيب رعاية مركزة وطبيبة اتحاد السباحة وسيارة إسعاف في مكان البطولة، إلا أن التدخل لم يكن كافيًا لإنقاذ حياة اللاعب

مخالفات قانونية وطبية جسيمة

استمعت النيابة إلى أعضاء اللجنة المشكلة بقرار وزير الشباب والرياضة بشأن الواقعة، والذين أكدوا عدم التزام الاتحاد المصري للسباحة ونادي الزهور الرياضي بالقوانين واللوائح الخاصة بصحة وسلامة اللاعبين، بما في ذلك الكود الطبي للاعبين الصادر بقرار وزير الشباب والرياضة رقم 1642 لسنة 2024.

وأظهر الفحص الطبي للملف الطبي الخاص باللاعب أن الإجراءات الطبية المطلوبة للسماح له بالمشاركة في البطولة لم يتم استكمالها، وهو ما أكد تقصير الجهات المنظمة وتحملها المسؤولية المباشرة عن الوفاة.

إجراءات قانونية صارمة

استجوبت النيابة المتهمين، وأمرت بحبس الحكم العام وثلاثة من طاقم الإنقاذ احتياطيًا على ذمة التحقيقات، لثبوت مسؤوليتهم المباشرة عن وفاة يوسف نتيجة الإهمال والتقصير.

وتواصل النيابة استكمال تحقيقاتها باستدعاء رئيس الاتحاد المصري للسباحة والمختصين به، وكذا مسؤولي نادي الزهور الرياضي، إلى جانب استعجال ورود تقرير مصلحة الطب الشرعي وسؤال القائم على إعداده، لضمان تحديد جميع المسؤوليات ومحاسبة كل من تقصّر في حماية حياة اللاعب الصغير.