درع تشرنوبل يتصدع تحت ضربات الطائرات المسيّرة.. العالم يواجه كارثة نووية جديدة
في تطوّر يعيد إلى الواجهة هواجس واحدة من أسوأ الكوارث النووية في التاريخ، حذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن الدرع الواقي الذي يغلف موقع كارثة تشرنوبل لم يعد قادرًا على أداء مهمته في احتواء الإشعاعات، بعد الأضرار التي لحقت به نتيجة هجوم بطائرة مسيّرة هذا التطوّر الخطير يأتي بعد ما يقرب من أربعة عقود على انفجار المفاعل رقم 4 في 1986، وبعد سنوات قليلة من استكمال بناء هيكل العزل الحديث عام 2019، ما يثير المخاوف حول سلامة المنطقة والعالم.
تقرير قناة "العربية" ألقى الضوء على سلسلة من التحركات الأممية، والتحقيقات التفتيشية، والتبادل الاتهامي بين روسيا وأوكرانيا، حول الطرف المسؤول عن التدهور الذي أصاب الدرع الجديد. وبينما تطرح التساؤلات حول مستقبل الموقع النووي الأكثر حساسية، تؤكد الوكالة الدولية أن الوقت يداهم عمليات الإصلاح، وأن الأمن النووي يواجه اختبارًا جديدًا في ظل حرب مستمرة.
درع تشرنوبل… الهيكل الذي صُمم ليحمي العالم يفقد قدرته
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الدرع الواقي، المعروف بـ"هيكل العزل الجديد"، والذي شُيّد ليحلّ محل sarcophagus القديم المُقام بعد الانفجار، لم يعد يؤدي وظيفته الأساسية في الاحتواء. الهيكل الفولاذي الضخم الذي اكتمل بناؤه في عام 2019 بكلفة تجاوزت الملياري دولار، صُمّم ليحافظ على مواد نووية شديدة الخطورة من أي تسرب لقرن كامل، بحسب المخططات الأصلية.
إلا أن نتائج التفتيش الأخير كشفت أن الضرر الناتج عن طائرة مسيّرة استهدفت الموقع في فبراير الماضي أدى إلى فقدان بعض الوظائف الحيوية للهيكل، وعلى رأسها القدرة على الاحتواء الكامل للمواد المشعّة. هذا الخلل يمثل نقطة تحول خطيرة في المنظومة الأمنية للموقع.
اتهامات مباشرة… أوكرانيا تحمل روسيا مسؤولية الهجوم
لم تتأخر الاتهامات في الظهور، حيث حمّلت السلطات الأوكرانية روسيا المسؤولية المباشرة عن الضرر الذي لحق بهيكل العزل. التفتيش الذي أجرته الوكالة الأسبوع الماضي أشار إلى أن الطائرة المسيّرة التي أصابت الدرع جاءت في سياق التصعيد العسكري المستمر منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ووفقًا للبيانات الأممية، فإن الضربة تسببت بما تسميه الوكالة “تدهورًا واضحًا” في أجزاء من الهيكل، ما وضع الموقع نوويًا على حافة خطر يتطلب تدخلًا عاجلًا.
شهادة الوكالة الدولية: فقدان وظائف الأمان دون انهيار الهيكل
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أكد في بيان رسمي أن نتائج التفتيش كانت “مقلقة”، إذ أثبتت فقدان هيكل الحماية لبعض وظائف الأمان الأساسية من بين هذه الوظائف، تبرز القدرة على الاحتواء الكامل، وهي المهمة التي بني الهيكل لأجلها.
لكن الوكالة طمأنت في الوقت نفسه إلى عدم وجود “ضرر دائم” في الهياكل الحاملة أو أنظمة المراقبة الحساسة، وهي نقطة تمنح هامشًا من الأمل في إمكانية السيطرة على الوضع قبل تفاقمه.
إصلاحات أولية.. ولكن الترميم الشامل ضرورة عاجلة
بحسب التقرير، بدأت بالفعل عمليات إصلاح أولية في المناطق المتضررة، في محاولة لمنع أي تسرّب إشعاعي أو تفاقم للتدهور. إلا أن الوكالة أكدت أن هذه الإصلاحات لا تكفي، وأن الموقع يحتاج إلى خطة ترميم شاملة تُنفّذ على وجه السرعة، لضمان عدم تدهور الوضع النووي في السنوات القادمة.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن التأخر في الإصلاح قد يجعل الهيكل عرضة لتسربات أو أضرار أكبر، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية في محيط أوكرانيا.
مخاوف دولية من تجدد التهديد النووي
يثير الوضع الحالي حالة قلق دولية، لأن أي خلل في درع تشرنوبل قد يعيد إلى الواجهة سيناريوهات مظلمة عاشها العالم عقب انفجار 1986المنطقة المحيطة ما زالت تحتوي على مواد شديدة التلوث، وأي ضرر في نظام العزل يعني أن الخطر يتجاوز الحدود الأوكرانية.
ومع دخول الحرب عامها الرابع، يخشى المختصون أن تتحول المنشآت النووية إلى ساحات مواجهة غير مباشرة، وهو ما قد يفتح الباب أمام كوارث لا يمكن السيطرة عليها بسهولة.