رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

غزة تُغيّر عقيدة بريطانيا.. دراسة تكشف مفاجأة صادمة حول موجة اعتناق الإسلام بعد الحرب

غزة
غزة

في وقت تتسارع فيه التحولات الدينية والاجتماعية داخل أوروبا، وتحديدًا في المملكة المتحدة، كشفت دراسة بحثية حديثة عن واحد من أكثر التغيرات لفتًا للانتباه خلال العامين الأخيرين: تزايد معدلات اعتناق الإسلام بين البريطانيين بشكل غير مسبوق.

ومع اشتعال ساحات الصراع في الشرق الأوسط وعلى رأسها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدا أن الانعكاسات لم تقتصر على السياسة أو العلاقات الدولية، بل امتدت إلى عمق الوجدان الغربي، لتعيد تشكيل منظومة القيم والبحث عن معنى لدى شريحة واسعة من المجتمع البريطاني.

الدراسة التي أصدرها معهد تأثير الإيمان في الحياة في لندن، جاءت لتفتح الباب أمام نقاش أوسع حول علاقة الإنسان الغربي اليوم بالدين، وكيف يمكن للأحداث العالمية الكبرى أن تغيّر مسارات روحية وفكرية لم تكن مطروحة قبل سنوات.

الصراع في غزة… الشرارة التي أعادت تشكيل الوعي الديني

تشير الدراسة إلى أن الحرب على غزة مثلت أحد أبرز الدوافع خلال العامين الماضيين لاعتناق الإسلام، حيث كشف 20% من الذين غيّروا معتقداتهم الدينية نحو الإسلام بأن القرار ارتبط مباشرة بالصراعات الدولية وتأثيرها الإنساني والأخلاقي.

وليس هذا الرقم معزولًا عن المشهد الإعلامي؛ فقد سبقت الدراسة تقارير صحفية بريطانية وأوروبية، صدرت في عامي 2023 و2024، تحدثت عن ارتفاع ملحوظ في معدلات الدخول في الإسلام عقب تصاعد القصف الإسرائيلي، وما تبعه من موجات تعاطف عالمي مع المدنيين الفلسطينيين.

هذه الشواهد، بحسب الباحثين، تعكس إعادة قراءة البريطانيين للإسلام بعيدًا عن الصورة النمطية التي ترسخت بعد أحداث 11 سبتمبر، وتماهت لاحقًا في خطاب اليمين المتطرف.

2774 مشاركًا يكشفون دوافعهم… منظور جديد للدين في بريطانيا

الدراسة اعتمدت على استطلاع آراء 2774 شخصًا غيّروا معتقداتهم الدينية مؤخرًا، ما يمنح نتائجها قوة تمثيلية مهمة في تحليل التحول الديني في المملكة المتحدة.

ومن بين النتائج الأبرز:

20%: ربطوا اعتناق الإسلام مباشرة بالصراعات الدولية وعلى رأسها غزة.

18%: قالوا إن قرارهم جاء بدوافع تتعلق بالصحة النفسية، في إشارة إلى بحث كثيرين عن السكينة والطمأنينة في وسط عالم يعاني اضطرابات اقتصادية ونفسية متزايدة.

وتشير الدراسة إلى أن التحول نحو الإسلام أصبح أكثر وضوحًا بين فئات شابة جامعية ومهنية، من خلفيات عرقية وثقافية متنوعة، وهو ما يعكس انتقال الظاهرة من نطاق الهامش إلى تيار تحولي أكثر رسوخًا.

البحث عن المعنى… الدافع الخفي وراء الاعتناق

لم تتوقف الدراسة عند الأرقام فقط، بل حاولت استكشاف الطبيعة النفسية والوجدانية لهذه التحولات.
ويؤكد الباحثون أن كثيرًا ممن يعتنقون الإسلام «لا يفعلون ذلك بدافع الهوية أو الانتماء الاجتماعي، بل بحثًا عن هدف ومعنى أعمق للحياة».

وتربط التحليلات بين تصاعد الفردانية الغربية وشيوع مشاعر الفراغ الوجودي، وبين لجوء عدد متزايد من البريطانيين إلى الإسلام باعتباره طريقًا يوفر:

منظومة قيم واضحة، وشعورًا بالانتماء، وإطارًا روحيًا أقل استهلاكًا وأقرب للسلام الداخلي.


هذا التفسير يتسق مع موجة عالمية أوسع تتحدث عنها تقارير مراكز الأديان والبحوث الإنسانية، والتي تشير إلى أن «جيل ما بعد الحداثة» يتجه نحو الروحانيات المنظمة بحثًا عن التوازن النفسي.

تعداد سكاني يكشف عن تحول تاريخي: المسيحيون أقلية للمرة الأولى

في سياق متصل، تضع أحدث بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS) الصورة في إطار أشمل؛ إذ أظهر التعداد الأخير لعام 2021 أن المسيحيين باتوا يمثلون 46.2% فقط من سكان إنجلترا وويلز، مقارنة بـ 59.3% في تعداد 2011.

هذه الأرقام تمثل التحول الديني الأكبر في تاريخ المملكة المتحدة الحديث، كما تنذر بتحولات مجتمعية وثقافية واسعة تشمل:

تراجع الارتباط التقليدي بالكنيسة، وصعود فئة «اللادينيين»، وزيادة الاهتمام بالأديان غير المسيحية وعلى رأسها الإسلام.

صحيفة تليجراف البريطانية وصفت هذا التحول بأنه «نقطة مفصلية» في تاريخ بريطانيا الديني، مشيرة إلى أن الإسلام بات يشهد واحدة من أسرع نسب النمو بين الأديان في البلاد.


بين الحرب والهوية… نحو فهم أوسع للمشهد الديني الجديد

تكشف الدراسة، مدعومة بالتعداد السكاني والتقارير الإعلامية المتتابعة، عن أن التحولات الدينية في بريطانيا لم تعد هامشية أو موسمية، بل أصبحت جزءًا من دينامية اجتماعية أعمق تتفاعل مع معطيات السياسة والاقتصاد والإعلام.

وإذا كانت الحرب على غزة قد لعبت دورًا مباشرًا في توجيه الأنظار نحو الإسلام كدين يربط بين القيم الإنسانية والعدالة الأخلاقية، فإن ما يحدث على الأرض يشير إلى أن التحول الروحي لدى البريطانيين يذهب إلى ما هو أبعد من ردود الفعل المؤقتة.

فمن البحث عن المعنى، إلى أزمة الهوية الغربية، إلى التحولات البصرية التي يرصدها الإعلام في الشارع البريطاني، يبدو أن المرحلة المقبلة قد تحمل موجة جديدة من إعادة التشكيل الديني، لا سيما في مجتمع متعدد الأعراق والنقاشات مثل المملكة المتحدة.

تم نسخ الرابط