الزواج بعد 30.. مصر بين الحب المبكر والضغوط الاقتصادية
تشهد مصر في عام 2024 تغيرات ملحوظة في واقع الزواج والطلاق، تعكس تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى تسجيل 936 ألف حالة زواج و274 ألف حالة طلاق، ما يعكس انخفاضًا في عقود الزواج وارتفاعًا في نسب الطلاق هذه المعطيات أثارت اهتمام خبراء علم الاجتماع والإحصاء، الذين شرعوا في تحليل أسباب الظاهرة وتقديم رؤى حول مستقبل الأسرة المصرية.
الإحصاء ودوره في رصد واقع الزواج
أكد جمال عبد المولى، مدير الإدارة العامة للإحصاءات الحيوية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن دور الجهاز حيوي في توفير بيانات دقيقة تعتمد عليها الجهات المعنية في وضع سياسات لدعم الأسرة والشباب.
وأشار إلى أن النشرة السنوية لحالات الزواج والطلاق تعكس صورة واضحة لحالات الزواج الموثقة رسميًا، لافتًا إلى انخفاض عدد حالات الزواج في 2024 إلى 936 ألف حالة، مع تسجيل تراجع ملحوظ في فئة الشباب بين 20–24 عامًا بنحو 24 ألف حالة أقل عن العام السابق.
ارتفاع متوسط سن الزواج وأسبابه
أكد عبد المولى أن متوسط سن الزواج ارتفع ليصل إلى 31 عامًا، ما يعكس تغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية عدة، منها:
استكمال التعليم واكتساب مهارات جديدة قبل الزواج.
السعي نحو الاستقلال المالي وتحمل تكاليف الزواج المرتفعة.
تغيرات ثقافية في عادات الزفاف والمهر والمستلزمات التقليدية.
الرغبة في بناء الذات علميًا ومهنيًا قبل الإقدام على الزواج.
وأشار إلى أن هذه المعطيات تؤكد وعي الشباب بأهمية تكوين أسرة مستقرة مبنية على أسس مالية ونفسية سليمة، مع مراعاة الاستعداد الكامل لتحمل مسؤوليات الزواج.
أسباب زيادة الطلاق في 2024
من جانبه، أوضح الدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي، أن ارتفاع نسب الطلاق وانخفاض عقود الزواج يعكس مجموعة من الأسباب المتشابكة:
أبرز أسباب الطلاق:
التدخل المفرط للأهل الذي أصبح من أبرز مسببات الانفصال.
سوء الاختيار الزواجي نتيجة التسرع أو غياب التوافق النفسي والفكري.
الضغوط الاقتصادية المستمرة التي لطالما كانت السبب الأول للطلاق.
الزواج المبكر الذي يؤدي غالبًا إلى الانفصال خلال السنوات الخمس الأولى.
الطلاق بين الحضر والريف.. اختلاف الروابط الاجتماعية
لفت رشاد إلى أن نسب الطلاق أعلى في المناطق الحضرية مقارنة بالريف، مبررًا ذلك بـ:
قوة الروابط الأسرية في الريف التي تساعد على احتواء الخلافات.
تدخل الأهل بشكل إيجابي لتجاوز الأزمات في بداية الزواج.
غياب هذا الدور في المدن، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات وزيادة معدلات الطلاق بسرعة.
دور مؤسسات الدولة في الحد من الظاهرة
أكد رشاد أن معالجة ظاهرة الطلاق تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني:
وزارتي التضامن الاجتماعي والشباب تنفذان حملات توعية موسعة للشباب المقبلين على الزواج.
الأزهر ودار الإفتاء والكنيسة يقدمون برامج لتأهيل الشباب للزواج المبني على أساس علمي واجتماعي سليم.
منظمات المجتمع المدني تعمل على نشر ثقافة الأسرة والاختيار السليم للشريك.