فضيحة تهز الإسكندرية.. بلاغات اعتداء أطفال تجبر التعليم على التدخل
في واقعة صادمة أعادت فتح ملف حماية الأطفال داخل المؤسسات التعليمية الخاصة، وجّهت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني قرارًا عاجلًا يقضي بوضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري الكامل للوزارة، وذلك عقب اتهامات خطيرة طالت أحد العاملين بالمدرسة على خلفية اعتداءات جسدية بحق عدد من أطفال مرحلة رياض الأطفال.
القرار جاء بعد بلاغات متعددة من أولياء الأمور، ومشاهد مؤلمة كشفتها الصدفة، لتفجّر موجة غضب واسعة في المجتمع السكندري، ولتضع المؤسسات التعليمية الخاصة تحت مجهر التساؤلات من جديد.
بداية القصة… زيارة أم تكشف ما لم يكن في الحسبان
لم تكن والدة إحدى الطالبات تدرك أن بحثها عن «جاكيت» مفقود سيقودها إلى مشهد صادم سيُشعل القضية بأكملها.
فمع بداية اليوم الدراسي، وبينما كانت تتجول في ساحة المدرسة بحثًا عن متعلقات ابنتها، لاحظت عامل المدرسة يخرج من خلف الأشجار في حالة ارتباك واضحة، تتبعه طفلة صغيرة من عمر ابنتها، ملابسها غير مرتبة، ونظرات القلق تعلو وجهها.
تقول الأم: «شعرتُ أن الأمر ليس صدفة العامل كان مرتبكًا والطفلة كانت خائفة وملابسها غير منظمة».
وبمجرد خروجها من المدرسة، سارعت بإرسال رسالة عاجلة عبر مجموعة «واتس آب» الخاصة بأولياء الأمور للبحث عن والدة الطفلة التي رأتها.
اعتراف طفلة… يكشف ما هو أبعد من الواقعة الأولى
بمجرد وصول الأم إلى منزل الطفلة وسؤالها برفق عمّا حدث، خرجت كلمات صغيرة هزّت قلوب الجميع:
العامل أخذها إلى مكان بعيد داخل المدرسة، وجرّدها من جزء من ملابسها، قائلًا لها: «هنلعب جمباز مع بعض».
ورغم بساطة الكلمات، فإنها حملت من الألم ما يكفي لتطلق موجة غضب واسعة، ودفعت أولياء الأمور والجهات الرسمية للتحرك السريع.
التحقيقات… أربعة بلاغات واتهامات خطيرة
قررت نيابة المنتزه ثان حبس العامل المتهم على ذمة التحقيق، بعد تلقي أربعة بلاغات من أولياء أمور، أفادوا فيها بتعرض ثلاثة فتيات وولد واحد من مرحلة رياض الأطفال لاعتداءات مشابهة داخل المدرسة.
الواقعة قُيِّدت برقم 16372 لسنة 2025 إداري المنتزه ثان، وبدأت النيابة إجراءاتها عبر:
عرض الأطفال على الطب الشرعي للكشف الطبي.
تفريغ تسجيلات كاميرات المدرسة.
سماع أقوال الشهود والعاملين.
إجراء معاينة ميدانية داخل المدرسة برفقة الأطفال وأولياء أمورهم.
وتشير مصادر إلى أن التحقيقات تجري بشكل مكثف لضمان الوصول إلى الحقيقة الكاملة دون إغفال أي تفاصيل.
قرار وزارة التربية والتعليم… إشراف كامل على المدرسة
على وقع هذه التطورات، أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارًا عاجلًا يقضي بوضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري الكامل، لضمان الانضباط ومراجعة كافة الإجراءات المعمول بها داخل المدرسة، بما يشمل:
متابعة الإدارة.
مراجعة ملفات العاملين.
التأكد من تطبيق اشتراطات الأمان.
التدقيق في منظومة الإشراف المدرسي.
ويعد هذا الإجراء من أقوى التدخلات التي تتخذها الوزارة تجاه المدارس الخاصة في مثل هذه الحالات.
أول رد من إدارة المدرسة… بيان حافل بالإجراءات والدفاعات
أصدرت المدرسة بيانًا مطولًا حاولت من خلاله تهدئة الرأي العام وتوضيح خطواتها بعد وصول البلاغات إليها جاء في البيان أن سلامة الطلاب هي الأولوية القصوى، وأن الإدارة اتخذت إجراءات فورية فور إبلاغها بالواقعة.
أولًا: إجراءات عاجلة عقب اكتشاف الحادث
التعاون الكامل مع جهات التحقيق دون أي محاولة للتأثير على مجريات القضية.
إيقاف العامل المتهم عن العمل فورًا.
منع دخول أي شخص غير معلم لمنطقة الطلاب.
زيادة الإشراف على الأطفال طوال اليوم الدراسي.
ثانيًا: آلية الإشراف داخل المدرسة
زيادة عدد المشرفين في الممرات والساحات.
تكليف إداريين بمتابعة دائمة لأماكن وجود الطلاب.
تعزيز منظومة كاميرات المراقبة وزيادة عدد القائمين على متابعتها.
ثالثًا: تنظيم وجود العمال الذكور داخل المدرسة
منع تواجد أي عامل خدمات (ذكور) داخل نطاق الطلاب بشكل نهائي.
الاعتماد على العاملات الإناث فقط.
تشديد الرقابة والتحقق من الهويات ومسارات الحركة.
رابعًا: خطة الأمن داخل المدرسة للفترة القادمة
تنفيذ خطة موسعة لتعزيز الأمان والإشراف.
الالتزام بتوصيات جهات التحقيق.
تنظيم برامج توعية للأطفال لحمايتهم من التحرش والاعتداءات.
خامسًا: ضبط المعلومات واحترام سرية التحقيقات
الامتناع عن نشر أي تفاصيل غير دقيقة.
الالتزام ببيانات رسمية فقط.
احترام حقوق جميع الأطراف حتى انتهاء التحقيقات.
وفي ختام بيانها، أكدت إدارة المدرسة أنها تقف «صفًا واحدًا» مع أولياء الأمور والطلاب، وتعهدت بتوفير أقصى درجات الأمان لهم حتى اكتمال التحقيقات
كيف تحمي المدارس أبناءها؟
الواقعة أثارت نقاشًا واسعًا حول منظومة الأمان داخل المدارس، خاصة في مراحل رياض الأطفال، وكيفية اختيار العاملين، وأهمية تفعيل منظومة الإشراف، وتطبيق معايير السلامة النفسية والجسدية.
خبراء في التربية والأمن المجتمعي أكدوا أن هذه الحوادث، رغم كونها فردية، إلا أنها تستلزم تشديد الرقابة وتطبيق معايير دقيقة في تعيين العمال داخل المدارس الخاصة والدولية.