تطوير حديقة الحيوان.. أسئلة صعبة عن الثغرات والجدوى تهدد المشروع الغامض
تفاصيل غائبة وأسئلة معلقة بدون إجابات طرحت المزيد من الغموض حول مشروع تطوير حديقة حيوان الجيزة من أولها إلى أخره وهل هو تطوير أم استثنمار أم كلاهما معا، بينما طفت أسئلة زادت من عتمة المشهد حول الثغرات في المشروع وطول المدة وتضارب البيانات حول موعد الافتتاح.
وسادت حالة من الجدل بعد الإعلان عن إغلاق حديقة الحيوان منذ نحو عامين، ليتولى تحالف شركة حدائق المكون من شركات خاصة وأجنبية تطويرها، من هنا ظهرت حالة من القلق بين المواطنين البسطاء الذين يخشون على نزهتهم من الغلاء، وبين آخرون يظنون أنه تم بيع الحديقة
حديقة الحيوان هي أصل من أصول الدولة، والهدف من تأجيرها مقابل التطوير، هو تعظيم الاستفادة من أصولها من خلال زيادة الإيرادات و فرص العمل، وذلك من خلال الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، هذا ما ذكره نصا أحمد إبراهيم، المستشار الإعلامي لوزير الزراعة في أكثر من تصريح صحفي، دون أن يقدم تفاصيل عن المشروع ولا طريقة الإدارة بعد الانتهاء من المشروع ناهيك عن قيمة أسعار التذاكر المعدلة، ثم أخيرا طبيعة الأنشطة التجارية التي ستقام في الحديقة التي يفترض أنها حديقة للحيوانات وليس أنشطة أخرى.
لغز حدائق الأورمان
وتضمنت عملية التطوير دمج حديقة الحيوان بحديقة الأورمان المجاورة عبر نفق حديث، لتشكيل أكبر متنزه بيئي وسياحي متكامل في قلب الجيزة بمساحة تتجاوز 112 فداناً، تحديث بيوت الحيوانات لتوفير ظروف معيشة أقرب لبيئتها الطبيعية، ترميم المعالم التاريخية والأثرية الثمانية داخل الحديقة، مثل "كوبري إيفل" والقاعة الملكية، مع الحفاظ الكامل على الأشجار والنباتات النادرة... لكن من يتابع مايحدث في الداخل ويتأكد أن أعمال التطوير تلك تنفذ وفق المواصفات العالمية.؟
جدوى المشروع والأسئلة الحائرة
بعد انتشار شائعات كثيرة حول حقيقة المشروع وأنباء بيع الحديقتين للمستثمرين، خرجت التطمينات من جانب الحكومة لتنفي ذلك، لكن لم تجب عن أسئلة كثيرة، بحسب سهير حواس أستاذة العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، التي أكدت في تصريحات صحفية ضرورة اتباع الإدارة المكلفة تطوير حديقة الحيوان بالجيزة معايير الشفافية والوضوح لضمان تنفيذ المشروع بالشكل الأمثل ومن دون إلحاق أي أضرار بالمباني التراثية بالحديقة، مضيفة "يجب إعلان رسوم هندسية واضحة تحدد ماهية وطبيعة المشروع التي لا تزال مجرد حديث وصفي".
وأضافت حواس أنه "من الضروري أيضاً توضيح أسماء المسؤولين عن المشروع ومعايير اختيارهم كي لا نفاجأ بجهات لا نعرف طبيعة أعمالها السابقة وطرق تنفيذها للمشروع الذي سيحتاج إلى طبيعة خاصة في التصرف خلال تنفيذ الأعمال الإنشائية أو الترميمات في منطقة تعتبر أثرية"، معتبرة أن كل هذه التساؤلات مشروعة وضمانة لنجاح عملية التطوير.
وكشفت السيدة وهي تشغل عضوية مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية، أن "طبيعة حديقة الحيوان لا تحتمل عمليات الحفر والإزالة إلا تحت شروط خاصة وحساسة لضمان سلامة المنطقة التراثية"، مشيرة إلى ضرورة وضع خطة خاصة لنقل الحيوانات خلال عملية التطوير للحفاظ على سلامتها.
وضربت جرس إنذار حول جدوى المشروع متسائلة أليس في استطاعتنا الاعتناء بها إلا من خلال الاستعانة بمستثمر خارجي؟"، لافتة إلى أن تطوير الحديقة بالفعل قد يكلف مليار جنيه (33 مليون دولار)، لكن يجب فهم أوجه صرفها، وهل ستنفق على تطوير شكلي فقط عبر مولات تجارية، أم في تطوير حقيقي يرفع من كفاءة حديقة الحيوان ويضعها في مكانتها الطبيعية عالمياً".
جانب أخر مخيف عرضته وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين في مصر شيرين زكي حول المعايير المفترض اتباعها في عملية التطوير، وأكدت أن حديقة الحيوان بالجيزة تحتوي على أشجار هي الأندر بالعالم، بجانب عدد من المباني التراثية، مما يجعل أية عملية تطوير تواجه صعوبة الحفاظ على شكل الحديقة القديم، مطالبة بعدم المساس بالأماكن التراثية بها، والإبقاء على أشجارها النادرة، "لأنها جزء من تاريخ مصر لا يمكن القبول بضياعه"، ومؤكدة في الوقت نفسه سعادتها بأنباء عملية التطوير وأملها بأن تسفر عن إعادة الحديقة إلى التصنيف العالمي، مما يساعد في شراء حيوانات جديدة.
الواقع يقول أن هناك العديد من الثغرات في المشروع منها عدم وجود خطة شفافة لعملية التطوير ومراحله المختلفة وعدم وجود حوار مجتمعي متخصص حول المشروع يفضي إلى تصور واضح لا يهدد قيمة الحديقة ومقتنياتها الثمينة، بجانب أن المؤشرات الأولية تقول إن أسعار التذاكر ستكون كبيرة ما يعني حرمان الأغلبية من الأسر المصرية من الاستمتاع بمقصد جذاب كان متاحا بجنيهات قليلة للجميع.

