أكبر تجمع قرآني عالمي في مصر.. 72 دولة و13 مليون جنيه جوائز
في مشهد يعكس الثقل الروحي والثقافي لمصر في العالم الإسلامي، احتضنت العاصمة الإدارية الجديدة المؤتمر التحضيري لإطلاق النسخة الثانية والثلاثين من المسابقة العالمية للقرآن الكريم، في أجواء احتفالية تكشف عن مكانة الدولة كمنارة للتلاوة وحفظ القرآن عبر تاريخ يمتد لقرون.
وأعلن وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري عن مشاركة غير مسبوقة في هذه النسخة، محققًا رقمًا قياسيًا يعزز حضور مصر العالمي ويؤكد أنها ما تزال مركز الإشعاع الأول لفنون الترتيل والتجويد.
مشاركة تاريخية: 158 متسابقًا من 72 دولة
كشف وزير الأوقاف، خلال المؤتمر المنعقد بمسجد مصر الكبير، عن مشاركة 158 مرشحًا من 72 دولة من آسيا وأفريقيا وأوروبا، معتبرًا هذا العدد الأكبر في تاريخ المسابقة منذ انطلاقها.
وأشار إلى أن التصفيات الأولية أُجريت عبر الإنترنت، في خطوة تمثل طفرة في مواكبة التطور التكنولوجي وتوسيع قاعدة المشاركة، بما يسمح بفتح الباب أمام أكبر عدد من المواهب القرآنية حول العالم.
نسخة استثنائية تحت شعار «نور وكتاب مبين»
النسخة الـ32 من المسابقة تأتي بشعار يعكس جوهر الرسالة الروحية: «نور وكتاب مبين»، وتتضمن ثمانية فروع تغطي مجالات متنوعة من الحفظ بمستويات مختلفة إلى فنون التلاوة والترتيل.
وبحسب وزير الأوقاف، تبلغ قيمة الجوائز هذا العام 13 مليون جنيه مصري، ما يمثل أعلى قيمة في تاريخ المسابقة، ويعكس الاهتمام الرسمي الكبير بدعم حفظة القرآن وقرّائه.
فخر مصري وخدمة عالمية
أكد الدكتور الأزهري أن وزارة الأوقاف تفخر بخدمة هذه المسابقة العالمية التي تعد أكبر محفل يجمع أصحاب الأصوات الندية والحافظة المتقنة من مختلف البلدان، وأن الهدف منها تعزيز الأخوّة القرآنية وتقديم صورة مصر الحضارية للعالم الإسلامي.
وأشاد بالانتشار الواسع الذي حققه برنامج «دولة التلاوة» خلال ثلاثة أسابيع فقط، مشيرًا إلى أنه يمثل إضافة مهمة تعزز مكانة مصر التقليدية في عالم القراءة القرآنية، وتعيد للأذهان العصر الذهبي لكبار القرّاء المصريين.
رعاية رئاسية ووفاء للمدرسة المصرية في التلاوة
توجه الوزير بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته الكاملة للمسابقة، مؤكدًا أن الدعم السياسي يسهم في ترسيخ الدور المصري عالميًا في خدمة القرآن الكريم.
ولفت إلى أن هذه النسخة تحمل اسم القارئ المصري الراحل الشيخ الشحات محمد أنور، تقديرًا لمسيرته الثرية وتأثيره العميق، كما شهد الافتتاح مشاركة نجله في تلاوة افتتاحية، في لفتة تعكس الوفاء للمدرسة المصرية العريقة.
وأعرب الوزير عن سعادته بمشاركة الموهبة الصاعدة الشيخ عبد الله عبد الموجود، أحد أبرز نجوم مشروع دولة التلاوة، متمنيًا له مستقبلاً واعدًا بين أعلام القراء.
وعُقد المؤتمر التحضيري في الساعة الحادية عشرة صباحًا داخل مسجد مصر الكبير، أحد أهم الصروح الدينية والمعمارية الحديثة في العاصمة الإدارية الجديدة، وحضره عدد كبير من الشخصيات الدينية والإعلامية والمهتمين بالشأن القرآني.
خلال المؤتمر، استعرض المتحدث الرسمي لوزارة الأوقاف الدكتور أسامة رسلان تفاصيل مشروع «دولة التلاوة»، مؤكدًا أنه يمثل مبادرة غير مسبوقة تعبر عن الهوية المصرية وتُبرز جانبًا مهمًا من قوتها الناعمة.
دولة التلاوة: فكرة مصرية خالصة ومشروع وطني ضخم
كشف رسلان، في مداخلة هاتفية ببرنامج «على مسئوليتي»، أن البرنامج تطلب جهودًا ضخمة ليخرج بصورة متكاملة من حيث الفكرة والتنفيذ والإخراج، مشيرًا إلى أنه يقدم أسلوبًا غير تقليدي لعرض جماليات الصوت الحسن في التلاوة، بطريقة لم يشهد العالم لها نظيرًا.
وأشار إلى المقولة الشهيرة: «القرآن نزل في الحجاز وقُرئ في مصر»، مؤكدًا أن هذا المشروع أعاد إحياء التراث المصري الأصيل وقدم نموذجًا فنيًا وروحيًا يعكس العمق الحضاري للدولة.
مشاهدات بالملايين وتأثير واسع داخل البيوت المصرية
أكد المتحدث الرسمي أن الحلقات الأولى من البرنامج حققت مئات الملايين من المشاهدات، ما يعكس تفاعلًا شعبيًا هائلًا ودليلًا على أن المجتمع المصري ما يزال يحتفظ بصلته القوية بالمحتوى الديني الراقي.
وأوضح أن البرنامج استطاع توحيد أفراد الأسرة حول شاشة واحدة، وفتح نقاشات موسعة حول المقامات الموسيقية ومعايير الأداء الفني في التلاوة، ما عزز الوعي الثقافي والذوق الفني لدى الجمهور.