سوشي في مواجهة الصواريخ.. تايوان ترد على تهديدات الصين بـ"إسكالوب الحرية"
يشهد المشهد الإقليمي في شرق آسيا توتراً متصاعداً بعد تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة سناي تاكايتشي بشأن احتمال تدخل طوكيو عسكرياً للدفاع عن تايوان في حال تعرضت لهجوم صيني.
وترافق هذا التوتر مع ردود فعل على الأرض داخل تايوان، حيث انطلقت موجة تضامن واسعة مع اليابان، تجسدت في مبادرات شعبية واقتصادية وصلت إلى حد استخدام “دبلوماسية السوشي” كأداة مواجهة غير مباشرة للضغط الصيني.
تايبيه تستنفر دعمها لليابان في مواجهة إجراءات بكين التصعيدية
شهدت العلاقات بين بكين وطوكيو مزيداً من التوتر بعد تصريحات تاكايتشي، ما دفع الصين إلى إرسال سفن عسكرية إلى مياه متنازع عليها قرب اليابان، وإصدار تحذيرات لمواطنيها من السفر إلى هناك، إضافة إلى تلويحها بفرض قيود على واردات المأكولات البحرية اليابانية.
تلقّت تايوان هذه التطورات بحساسية خاصة، باعتبارها الطرف الأكثر تعرضاً للضغوط الصينية منذ سنوات، سواء عبر الضغوط الاقتصادية أو التلويح المستمر بالخيار العسكري.
ووصف مراقبون هذه التطورات بأنها "مشهد مألوف للغاية" بالنسبة للتايوانيين، الذين اعتادوا تحركات مشابهة من بكين بهدف عزل الجزيرة عن حلفائها الدوليين.
اليابان تعيد تموضعها بدعم أكبر لتايوان والأخيرة ترد الجميل
ارتفعت مؤشرات الدعم الشعبي الياباني لتايوان خلال السنوات الأخيرة، وشكّل عام 2021 مثالاً لافتاً عندما حظرت الصين واردات الأناناس التايواني، فسارعت اليابان إلى شراء 19 ألف طن منه، في خطوة حملت رسالة سياسية واضحة.
وظهر رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي حينها في صورة شهيرة وهو يحمل أناناساً تايوانياً دعماً لاقتصاد الجزيرة.
اليوم، تحاول تايوان رد هذا الدعم بطريقة مشابهة، بعد إعلان حكومة تايبيه رفع جميع القيود المفروضة على الغذاء الياباني منذ كارثة فوكوشيما النووية.
القرار حمل إشارات سياسية واضحة، وجاء بعد يوم واحد فقط من انتشار فيديو للرئيس التايواني لاي تشينج-تي وهو يتناول أطباق سوشي تضم منتجات بحرية يابانية.
السوشي يتحوّل إلى رمز سياسي: من تايبيه إلى كاجوشيما
ظهر الرئيس التايواني في مقطع مصوّر وهو يتذوق طبق سوشي يحتوي على إسكالوب هوكايدو وسمك اليلو تيل من كاجوشيما، وأرفق الفيديو برسالة دعا فيها السكان إلى تناول الطعام الياباني، مؤكداً أن الوجبة تمثل دليلاً على "الصداقة المتينة" بين البلدين.
ولم يكن الرئيس وحده من تحرك باتجاه تعزيز هذا التضامن الشعبي، إذ بدأ سياسيون تايوانيون نشر صورهم أثناء تناول السوشي أو التسوق من المتاجر اليابانية المنتشرة في الجزيرة.
ودعت وزارة الخارجية التايوانية المواطنين صراحة إلى "تناول السوشي وشرب البيرة اليابانية"، وأرفقت منشورها بصور الأعلام.
مبادرات محلية تضخ الزخم في حملة الدعم وهدايا نقدية للزوّار
توسع الدعم الشعبي داخل تايوان ليشمل مبادرات مالية. ففي مدينة هسينشو، مركز شركة TSMC العملاقة لأشباه الموصلات، تعهّد عضو سابق في المجلس المحلي بدفع 18 ألف ين ياباني (114 دولاراً) لألف شخص يزورون اليابان.
المبادرة جاءت تجاوباً مع دعوة أطلقها سياسي ياباني اعتبر أن إنفاق كل مواطن ياباني المبلغ نفسه يمكن أن يعوّض غياب السياح الصينيين.
وذكر السياسي التايواني صن تشين-تشينج أنه تلقى ما بين 70 و80 اتصالاً بعد إعلانه المبادرة، وقال إن تاكايتشي "أظهرت دعماً واضحاً لتايوان، ومن واجب التايوانيين رد هذا الدعم".
تفاعل شعبي واسع.. وسوبرماركت يطلق "سوشي الصداقة"
احتشدت الأسواق التايوانية بمظاهر الدعم، ففي أحد فروع "لوبيا" بمدينة كاوهسيونج، وُزعت منشورات تحمل رسوماً للرئيس لاي وهو يتناول السوشي، بالتزامن مع عروض خاصة على "سوشي الصداقة التايوانية–اليابانية".
وتحدث تاي هسو-كونج، وهو موظف في قطاع التكنولوجيا، عن قراره شراء المزيد من المنتجات اليابانية بعد سماعه باحتمال فرض الصين حظراً عليها.
وقال: "بصفتنا تايوانيين، يجب أن ندعم اليابان، لماذا لا نقف مع صديق يتعرض للتنمر؟".
شركات الأغذية تدخل الخط… وشوكولاتة تحمل صورة تاكايتشي
دخلت شركة "آي–مي فودز" التايوانية على خط التضامن، إذ درست إنتاج دفعة محدودة من ألواح الشوكولاتة تحمل صورة رئيسة الوزراء اليابانية.
وأكدت متحدثة باسم الشركة أن الرغبة في إنتاج القطعة التذكارية جاءت بعد فوز تاكايتشي في الانتخابات، مشيرة إلى تلقي نحو 100 طلب من زبائن مهتمين بشرائها.
الصين تضغط.. وشي جينبينج يلوح بملف تايوان في اتصاله مع ترامب
يتزامن هذا الحراك الشعبي والسياسي مع تصاعد التوتر الإقليمي، إذ ربط محللون بين التوترات الجديدة والاتصال الذي أجراه الرئيس الصيني شي جينبينج مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ووفق خبراء، فإن بكين تحاول استخدام واشنطن للضغط على اليابان، وإظهار قدرتها على التواصل المباشر مع الإدارة الأميركية.
وقال هوانج كوي-بو، أستاذ الدبلوماسية في جامعة تشنجتشي الوطنية، إن الصين "تبعث رسالة بأنها قادرة على محادثة ترامب في أي وقت، وأن لديها أوراق ضغط فعالة على طوكيو".
التايوانيون يصنعون زخمهم الخاص… و"إسكالوب الحرية" يكتسح شبكات التواصل
انعكست هذه التطورات على الشارع التايواني، حيث بدأ السكان بالتفاعل عبر منصات التواصل من خلال شراء منتجات يابانية وتداول صور لأطباق السوشي.
ووصف البعض هذه الخطوة بأنها "دعم للديمقراطية" ووقوف مع الحرية.
ونشرت لين يويه-هسين، 69 عاماً من نيو تايبيه، صوراً وهي تتناول الإسكالوب الياباني، مؤكدة أنها تأثرت بالتعليقات اليابانية التي شكرتها على دعمها.
وقالت: "الأصدقاء الحقيقيون يدعمون بعضهم. أي شيء ترفضه الصين سنشتريه، وأي مكان لن يذهبوا إليه سنذهب نحن".

