جمال أم تحدٍّ للشرع؟.. الإفتاء ترد على عمليات شد الوجه
في مجتمع يولي أهمية متزايدة للجمال والمظهر الخارجي، تتساءل النساء عن حدود الشرع في معالجة التجاعيد وترهلات الوجه باستخدام الوسائل الطبية الحديثة، ولا سيما عمليات شد الوجه.
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال من أحد المواطنين عن حكم إجراء زوجته عملية شد الوجه لمعالجة الترهلات الناتجة عن التقدم في العمر والحمل والولادة، متسائلًا هل يعد ذلك تغييرًا لخلق الله.
نسلط الضوء على موقف الشريعة الإسلامية من عمليات شد الوجه، ونستعرض توضيحات الإفتاء وآراء العلماء والمفسرين حول مدى جواز هذا الإجراء، والفارق بين الترميم الطبي والتحسين المشروع وبين التغيير المحظور.
شد الوجه بين الحاجة الطبية والتجميل الشرعي
أكدت دار الإفتاء أن إجراء عملية شد الوجه جائز شرعًا إذا قرر الطبيب المختص أن هذه الوسيلة هي الحل الوحيد لمعالجة التجاعيد والترهلات، مشيرة إلى أن هذه العملية لا تدخل ضمن عموم النهي عن تغيير خلق الله فالشد لا يغيّر من صورة الوجه أو صفاته الطبيعية، بل يعيدها إلى حالتها الأصلية دون تبديل أو إزالة.
وأوضحت الإفتاء أن الشريعة تراعي الفطرة الإنسانية وحب النساء للزينة، ما يسمح لهن بالسعي لتحسين المظهر ضمن حدود الشرع، مستشهدة بالآيات القرآنية التي تؤكد خلق الإنسان في أحسن تقويم، وتشجع النساء على الزينة بما لا يخرج عن ضوابط الدين.
وسائل شد الوجه وأحدث التقنيات الطبية
عملية شد الوجه، أو "Face lifting"، تستهدف شد الأنسجة الرخوة وإعادة نضارة البشرة، وتحفيز إنتاج مادة الكولاجين، ويستخدم فيها الليزر، الحقن، والخيوط التجميلية وتُطبق في حالات الترهل الشديد للوجه عندما لا تجدي الكريمات والزيوت الطبية أو العلاجات السطحية الأخرى.
وتشير المصادر الطبية إلى أن الهدف من هذه العمليات ليس تغيير خلق الله، بل إعادة الوجه إلى صورته الطبيعية بعد التغيرات الناتجة عن الحمل أو الولادة أو التقدم في العمر، بما يتوافق مع المقاصد الشرعية لإعادة الصورة الإنسانية الحسنة.
أوضحت دار الإفتاء أن شد الوجه لا يُعد تغييرًا في خلق الله، لأن العملية لا تُغير من صفات الوجه أو صورته الطبيعية، وإنما ترمم ما أصابه من ترهلات وتجاعيد ويستند هذا الرأي إلى تفسير العلماء لآيات النهي عن تغيير خلق الله، حيث أشارت أغلب التفاسير إلى أن المقصود هو التبديل الدائم للخلقة أو التدليس في المظهر لأغراض غير مشروعة، مثل الوشم أو النمص، وليس التجميل الطبي المشروع.
كما أكد العلماء أن المرأة يجوز لها تعديل ما يصيب خلقتها إذا كان ذلك لتجنب الضرر أو الأذى، وهو ما يشمل ترهلات وتجاعيد الوجه التي تؤثر على مظهرها النفسي والاجتماعي واستشهدوا بما كانت تفعله نساء الصحابة مثل استخدام الورس لإزالة الكلف والبقع الجلدية الناتجة عن الحمل والولادة، وهو دليل على قبول الشرع لوسائل التجميل المشروعة التي تحافظ على الصورة الطبيعية للإنسان.
ضوابط التجميل الشرعي
أشارت الإفتاء إلى أن ضابط التغيير المحظور هو أي فعل يسبب ضررًا دائمًا أو يغير خلق الإنسان بشكل دائم، مثل الوشم أو تفليج الأسنان أما الترميم الطبي أو التحسين المشروع فلا يعد تغييرًا للخلق وذكرت المصادر الفقهية أن الكحل وحلق الشعر أو ثقب الأذن للزينة للنساء مسموح، بينما النمص أو الوشم ممنوع لأسباب التدليس أو مخالفته للآداب العامة.