فوز السوداني يعيد رسم الخريطة السياسية في العراق.. سباق محموم لتشكيل "الكتلة الأكبر"
بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في العراق، تصدّر تحالف "الإعمار والتنمية" بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المشهد السياسي بحصوله على أكثر من 50 مقعداً، ما أشعل سباقاً سياسياً محموماً داخل البيت الشيعي نحو تشكيل "الكتلة الأكبر" التي ستحسم هوية الحكومة المقبلة.
شهدت العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراقية احتفالات واسعة بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تقدّم تحالف السوداني على منافسيه، في انتخابات وُصفت بأنها الأعلى مشاركة منذ عام 2003، بنسبة بلغت 56%.
وقال السوداني في كلمة متلفزة عقب إعلان النتائج: "هذا الفوز هو انتصار لإرادة الشعب، وسنكون على قدر المسؤولية في المرحلة المقبلة"، مشدداً على أن "العراق للجميع، وسياستنا القادمة ستعكس تطلعات المواطنين بمختلف توجهاتهم".
وبحسب النتائج الأولية، حلّ ائتلاف “الإعمار والتنمية” في المرتبة الأولى يليه حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، فيما جاء "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ثالثاً. كما سجل الحزب "الديمقراطي الكردستاني" تفوقاً ملحوظاً في إقليم كردستان، في حين تكبدت القوى المدنية خسائر فادحة وفقدت معظم مقاعدها النيابية.
ويرى مراقبون أن فوز السوداني بهذه النسبة يمثل تحولاً في موازين القوى داخل التحالف الشيعي، لكنه يفتح في الوقت نفسه الباب أمام صراع جديد على زعامة "الكتلة الأكبر" بين السوداني والمالكي، في ظل محاولات بعض أطراف "الإطار التنسيقي" إعادة تشكيل التحالف الشيعي دون السوداني.
ومن المتوقع أن تبدأ مفاوضات معقدة بين الكتل الشيعية والسنية والكردية لتحديد شكل الحكومة الجديدة، حيث تنص الأعراف السياسية في العراق على أن يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والكرد رئاسة الجمهورية، والسنة رئاسة البرلمان.
ويرى المحلل السياسي ياسين البكري أن المرحلة المقبلة ستشهد "مناورات شاقة داخل الإطار التنسيقي"، مشيراً إلى أن السوداني "قد يواجه تحديات في الحفاظ على تماسك تحالفه ما لم ينجح في كسب دعم أطراف شيعية وازنة أو دعم إقليمي ودولي".
من جانبها، دعت بعثة الاتحاد الأوروبي الأطراف العراقية إلى احترام نتائج الانتخابات والعمل على تشكيل حكومة تمثل إرادة الناخبين، معتبرة أن العملية الانتخابية "خطوة مهمة لترسيخ الاستقرار السياسي في البلاد".
أما الأمم المتحدة، فقد رحبت بإجراء الانتخابات "بشكل منظم وسلمي"، وأكدت دعمها الكامل للعراق في مسيرته الديمقراطية، مشددة على ضرورة "تشكيل حكومة جديدة في الوقت المناسب تعكس إرادة الشعب العراقي وتطلعاته نحو التنمية والاستقرار".
ويُنتظر أن تصادق المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية خلال الأيام المقبلة، لتبدأ بعدها مشاورات تشكيل الحكومة، وسط توقعات بأن يشهد العراق تحالفات جديدة قد تعيد رسم خريطته السياسية بالكامل.