أزمة السودان تحت المجهر: واشنطن تضغط لوقف النار وإطلاق هدنة إنسانية قبل فوات الأوان
تصاعدت التحركات الأميركية لإنهاء المأساة السودانية المتفاقمة، مع دعوة مباشرة وجهتها واشنطن إلى طرفي النزاع للقبول الفوري بالهدنة الإنسانية المقترحة وتنفيذها دون أي تأخير.
دعوة واشنطن تأتي في وقت يعيش فيه ملايين السودانيين أوضاعاً إنسانية كارثية، وسط حرب مستمرة منذ أكثر من عام بين الجيش وقوات الدعم السريع أودت بعشرات الآلاف من الأرواح وشردت الملايين.
دعوة أميركية لإنقاذ المدنيين
المستشار الأول للرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولوس، أكد أن معاناة المدنيين في السودان وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني الملايين من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية.
بولوس شدد على أن استمرار القتال اليومي يحصد أرواح الأبرياء ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني، داعياً جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية والتوقف عن القتال فوراً.
هدنة تمهّد للحوار والسلام
بولوس أوضح أن الهدنة الإنسانية المقترحة تمثل خطوة أساسية نحو حوار وطني شامل يفضي إلى سلام دائم، مؤكداً أن وقف إطلاق النار لن يحفظ الأرواح فقط، بل سيعيد الأمل للسودانيين بإمكانية العودة إلى الاستقرار.
وشدد على ضرورة التزام الطرفين بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية دون قيود، مع ضمان وصولها إلى المتضررين في كل مناطق النزاع.
ملاحظات الحكومة السودانية على مبادرة الرباعية
تصريحات واشنطن جاءت بعد إعلان وزارة الخارجية السودانية أن الحكومة لا تتحفظ على الهدنة التي طرحتها اللجنة الرباعية الدولية (السعودية، مصر، الإمارات، والولايات المتحدة)، لكنها قدمت أربع ملاحظات جوهرية على المقترح.
مصادر سودانية أوضحت أن الحكومة اشترطت انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً، وتجميعها في مواقع محددة، إلى جانب نشر الشرطة السودانية في كل المناطق التي تنسحب منها تلك القوات لضمان الأمن والاستقرار.
موقف الدعم السريع من الهدنة
في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على مبادرة الرباعية، والتي تتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر تمهيداً لبدء حوار سوداني – سوداني يهدف إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر.
الخطوة اعتبرها محللون إشارة إيجابية نحو إمكانية التوصل إلى تفاهم مبدئي، رغم استمرار الخلافات حول آليات التنفيذ.
موقف الجيش وتحفظاته
مسؤول عسكري سوداني صرّح أن الجيش يرحب بمقترح الهدنة من حيث المبدأ، لكنه لن يوافق على وقف إطلاق النار قبل انسحاب قوات الدعم السريع الكامل من المناطق المدنية وتسليم أسلحتها، وفقاً لما نصت عليه مقترحات السلام السابقة.
هذا الموقف يعكس استمرار انعدام الثقة بين الجانبين، ويُظهر تعقيد الطريق نحو اتفاق فعلي.
نزاع دموي يفاقم المأساة الإنسانية
الصراع الدامي الذي اندلع في منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلف أكثر من 40 ألف قتيل ونزوح نحو 12 مليون شخص داخلياً وخارجياً، إلى جانب أزمة غذاء حادة تهدد حياة الملايين.
المجتمع الدولي يحذر من أن استمرار الحرب يهدد بانهيار الدولة السودانية بالكامل ما لم تُتخذ خطوات عاجلة نحو التهدئة

