أردوغان يلوّح بمرحلة سلام جديدة مع الأكراد ويفتح الباب أمام عودة أوجلان للمشهد السياسي
تصريحات غير مسبوقة صدرت اليوم الأربعاء عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أظهرت بوضوح أن أنقرة تسير نحو تحول جذري في تعاملها مع القضية الكردية.
وأكد أردوغان أن بلاده وصلت إلى مفترق طرق جديد في عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، مشدداً على ضرورة إشراك جميع الأطراف في الحوار دون استثناء.
احتمال ظهور أوجلان من داخل السجن
الرئيس التركي أشار إلى أنه منفتح على فكرة منح عبد الله أوجلان، زعيم الحزب المسجون منذ عام 1999، فرصة لإلقاء كلمة أمام لجنة برلمانية تناقش سبل نزع سلاح الحزب وإنهاء الصراع الممتد منذ أربعة عقود.
وكشف أردوغان أنه أجرى مؤخراً محادثات بناءة للغاية مع قادة حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد، الذين طرحوا الفكرة خلال اجتماعهم الأسبوع الماضي.
رسالة أردوغان: الجميع مدعوون للحوار
في كلمته أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، قال أردوغان: “يبدو أننا وصلنا إلى مفترق طرق جديد في المسار الذي سيقودنا إلى تركيا خالية من الإرهاب.. على الجميع أن يبادروا ويقوموا بدورهم”.
وأضاف أن حكومته تعتبر الاستماع إلى جميع الأصوات ضرورة وطنية، مشدداً على أهمية فتح المجال أمام الآراء المختلفة حتى لو كانت معارضة.
عودة محتملة لرمز قديم في المشهد السياسي
تلميحات الرئيس التركي أعادت اسم أوجلان إلى دائرة الضوء بعد سنوات من العزلة داخل السجن، حيث يراه كثيرون الشخصية الوحيدة القادرة على توجيه أنصار حزب العمال نحو التخلي عن السلاح.
ويعتبر مراقبون أن السماح لأوجلان بالتحدث علناً سيكون خطوة رمزية كبرى في طريق إعادة بناء الثقة بين الدولة والأكراد، رغم حساسية الموقف سياسياً وأمنياً.
تأييد غير متوقع من حلفاء أردوغان
اللافت أن تصريحات أردوغان جاءت بعد يوم من تصريح مثير لحليفه السياسي دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية، الذي قال إن “من المفيد إطلاق سراح صلاح الدين دمرداش”، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المسجون منذ عام 2016.
ويُنظر إلى هذه التصريحات على أنها مؤشر على تبدل المزاج السياسي داخل التحالف الحاكم تجاه الملف الكردي، وربما تمهيد لصفحة جديدة في تاريخ الصراع.
صراع مستمر منذ أربعة عقود
الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني يعود إلى عام 1984، حين حمل الحزب السلاح مطالباً بالحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.
وعلى الرغم من محاولات السلام السابقة، إلا أن المبادرة التي أُطلقت عام 2015 انهارت سريعاً، لتعود المواجهات المسلحة وتحصد أرواح المئات.
وحتى اللحظة، لم تكشف حكومة أردوغان إطاراً عملياً واضحاً لجهود السلام الجديدة، لكن الخطابات السياسية الأخيرة تشير إلى نوايا أكثر مرونة وانفتاحاً.
أنقرة بين السلام والمخاطر السياسية
المشهد التركي الحالي يوحي بأن أردوغان يحاول إعادة صياغة العلاقة المعقدة مع الأكراد في توقيت حساس داخلياً وخارجياً، حيث تواجه البلاد ضغوطاً اقتصادية وتحديات أمنية متصاعدة.
ويرى محللون أن هذا الانفتاح قد يكون مغامرة سياسية محسوبة تهدف إلى توسيع قاعدة الدعم الشعبي قبل الاستحقاقات المقبلة، خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الكردية.
إشارات إلى مصالحة تاريخية محتملة
المؤشرات الحالية تعكس توجهاً نحو إحياء مسار السلام المجمد منذ عقد، وسط ترقب شعبي وإعلامي واسع. وإذا ما أُتيح لأوجلان التحدث من داخل السجن، فسيكون ذلك بمثابة تحول سياسي تاريخي في تركيا، قد يفتح الباب أمام مصالحة وطنية شاملة تنهي أحد أطول الصراعات في الشرق الأوسط.


