رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

العراق.. جدل متجدد حول سلاح الفصائل بين سيادة الدولة وضغوط النفوذ الخارجي

العراق
العراق

عاد ملف سلاح الفصائل المسلحة في العراق إلى واجهة النقاش السياسي والأمني، بعد تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي أكد فيها أن نزع سلاح تلك الفصائل لن يتم إلا بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، المتوقع استكماله بحلول سبتمبر 2026.

تصريحات السوداني أعادت الجدل حول العلاقة بين سيادة الدولة العراقية ونفوذ الفصائل المسلحة، في وقتٍ يسعى فيه العراق إلى تحقيق توازن دقيق بين الولايات المتحدة وإيران، وبين مطلب الأمن الداخلي واستحقاقات السياسة الإقليمية.

معادلة دقيقة بين الدولة والسلاح المنفلت:

يرى الباحث في الشؤون السياسية والأمنية نجم القصاب أن رئيس الوزراء يواجه اليوم معادلة معقدة، موضحاً أن الطبقة السياسية بمكوناتها الشيعية والسنية والكردية، إلى جانب المرجعية الدينية في النجف، تتفق منذ سنوات على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.

ويضيف القصاب أن السوداني يسعى للانتقال من مرحلة "رجل التوافقات" إلى "رجل الدولة"، أي إلى تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، مشيراً إلى أن الفوضى الأمنية في العراق كانت نتيجة تغوّل السلاح المنفلت الذي اتخذ لنفسه ذرائع متعددة باسم المقاومة أو حماية الدولة.

ضغوط داخلية وتوازنات خارجية:

بحسب القصاب، فإن تصريحات السوداني لا تهدف فقط إلى طمأنة واشنطن، بل تسعى أيضاً إلى تأكيد التزام العراق لجيرانه وشركائه السياسيين.

ويشير إلى أن الانقسامات داخل الإطار التنسيقي الشيعي، الذي جاء بالسوداني إلى رئاسة الوزراء، تفرض عليه تحركات محسوبة بعناية لتجنّب أي تصدع سياسي.

ويضيف أن المرحلة القادمة تتطلب واقعية سياسية، فـ"كثير من الفصائل بات منخرطًا في العملية السياسية والانتخابية، ولم يعد بالإمكان الجمع بين شرعية الدولة وشرعية السلاح".

السياق الإقليمي والتحديات الاقتصادية:

يرى المراقبون أن تصريحات السوداني تأتي في سياق إقليمي متغير بعد تصاعد التوترات في غزة ولبنان وسوريا، ما دفع بعض القيادات العراقية إلى السعي لتحييد العراق عن صراعات المحاور.

كما يواجه العراق أزمة مالية خانقة تتطلب تعاونًا مع الولايات المتحدة ودول الجوار، ما يجعل ملف ضبط السلاح مرتبطًا أيضًا بـالاستقرار الاقتصادي وجذب الدعم الدولي.

الرهان على الدولة والقانون:

يؤكد القصاب أن استكمال بناء الدولة العراقية الحديثة لن يتم إلا من خلال توحيد السلاح بيد المؤسسات الرسمية، مشددًا على أن الأجهزة الأمنية والعسكرية العراقية اكتسبت خبرة كبيرة في مواجهة الإرهاب وقادرة على ضبط المشهد الأمني متى ما توافرت الإرادة السياسية.

ويضيف أن "كثيرًا من قادة الفصائل الذين كانوا يرفعون شعارات المقاومة باتوا اليوم جزءًا من السلطة السياسية والاقتصادية، وتذوقوا طعم النفوذ"، ما يجعلهم أقرب إلى الحفاظ على مكاسبهم عبر القنوات السياسية لا عبر فوهات البنادق.

تم نسخ الرابط