رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

«بطاقات ائتمان وهمية ومستندات مزورة.. كيف تسللت العصابة إلى خزائن بنك «N.B.D» في مصر؟

احتيال مالي
احتيال مالي

واقعة تزوير تعتبر من أكثر قضايا التزوير والاحتيال جرأة، في عالم البنوك لكنها كشفت إجراءات السلامة والرقابة الضعيفة في بنك «الإمارات دبى الوطنى» بنك بي أن بي باربيا" سابقا، والتي سمحت بالنفاذ من  سيستم البنك والاستيلاء على الأموال، مايعكس بدوره مشكلات أخرى لم تظهر للسطح بعد أهونها ضعف الأمن السيبراني في بنك الإمارات دبي الوطني.

القصية بدأت بواقع قضية تواجه فيها ربة منزل ومحاسب، اتهامات بالاستيلاء على أموال «الإمارات دبى الوطنى» بعد أن كشفت التحقيقات عن شبكة منظمة احترفت تزوير المستندات الرسمية للحصول على قروض وبطاقات ائتمان بأسماء وهمية.

وبحسب أمر الإحالة، لم تكن العملية مجرد تزوير عابر، بل خطة محكمة بدأت من داخل شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، حيث استغل أحد المحاسبين موقعه ومعرفته بالإجراءات الرسمية لتصنيع مستندات حكومية مزيفة، تضمنت بطاقات رقم قومي وشهادات راتب وفواتير خدمات عامة، لتبدو وكأنها صادرة من جهات حقيقية.

ومع تعاون ربة المنزل التي تقمصت هوية سيدة أخرى، تمكن المتهمان من خداع البنك والحصول على قروض، لم يكن أحد ليتخيل أن الهدوء الذي يحيط بربة المنزل هدى يخفي وراءه عقلًا جريئًا في الاحتيال.

كانت تظهر كأي امرأة بسيطة، تحمل أوراقها وتدخل البنك بابتسامة مطمئنة، بينما خلف تلك الابتسامة كانت تدور أخطر عملية تزوير شهدها فرع بنك بي إن بي باريبا بالمنيل، سابقا، «الإمارات دبى الوطنى» حاليا.

في الجهة الأخرى، كان أحمد المحاسب بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة يجلس خلف مكتبه ينسج خيوط الخطة بعناية يعرف جيدًا شكل المستندات الرسمية، أختام الشركات، توقيعات المديرين، وحتى التفاصيل الدقيقة التي لا يلاحظها أحد.

ومع قليل من الحيلة، صنع عالمًا من الوهم: بطاقات رقم قومي بأسماء لم تولد قط، شهادات راتب لم تُصدرها أي جهة، وفواتير كهرباء وغاز تحمل أرقامًا مختلقة بدقة متناهية.

تسلمت هدى تلك الأوراق بابتسامة هادئة كانت تعرف تمامًا ماذا تفعل دخلت البنك في أكثر من مرة، تتحدث بثقة الموظف الحقيقي، وتطلب قروضًا شخصية وبطاقات ائتمان وكأنها من العاملين بشركة المياه مقدمة الأوراق والمستندات المزيفة والتي لم يكشتفها البنك أو يتحرى عنها كما تقتضتي إجراءات السلامة المصرفية.

وبين التواقيع والأختام المزيفة، بدأ المال يتدفق، تسعمائة وثلاثون ألفًا ومئتان وخمسة جنيهات حصيلة احتيال استمر شهورًا طويلة خرجت من خزائن البنك إلى جيوب المتهمين، قبل أن تنكشف اللعبة.


ضعف إجراءات الرقابة


الواقعة كشفت بما لايدع مجالا للشك أن اجراءات الأمان والرقابة والتدقيق والتحقق في أهون حالاتها «الإمارات دبى الوطنى»، والذي كاد يفقد ملايين الجنبيهات جراء ضعف جدار الحماية والرقابة لديه، ومن وقائع القضية كان البنك يمكن أن يستمر في نزيف أموال العملاء لصالح عصابات زيفت أوراقا وتعاملت مع البنك وسحبت الأموال بمنتهي السهولة، ما يشجع عصابات أخرى على تكرار المحاولة مع قلة إجراءات الحماية.,

الواقعة تسلط الضوء على مدى الأمان الذي يحظي به أرصدة العملاء «الإمارات دبى الوطنى»، ومدى قدرة البنك على حمايتها، كما يسلط الضوء على اتجاه العملاء الحاليين للبنك أو من يفكر في وضع أمواله في البنك بعد نشر تفاصيل واقعة الاستيلاء على الأموال بطرق بسيطة وساذجة.

الأمر الأخر الذي يكشف حجم الثغرات في دورة العمل الداخلي بالبنك هي أن المتهمين قدموا الأوراق المزيفة عدة مرات ذهابا وإيابا ولم يتم التحري عن الأشخاص المدونين في الأوراق الثبوتية، ماعكس خللا كبير في أبسط درجات التحوط

كيف تم خداع «الإمارات دبى الوطنى» بالواقعة ؟

لم تدم الحيلة طويلًا، تفاصيل صغيرة كشفت الخداع: رقم وظيفي غير مطابق، توقيع بدا غريبًا على أحد المستندات، وشيك بسيط من موظف البنك كان كافيًا لفتح باب التحقيق.

وحين واجهت النيابة الأوراق، انهار كل شيئ المستندات كانت وهمية، الأسماء غير موجودة، والشبكة التي بدت محكمة بدأت تتهاوى خيطًا بعد خيط.

وكشف أمر الإحالة أن المتهمين منهم محاسب بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، و هدى س. 38 سنة، ربة منزل حيث تتهم النيابة العامة المتهمين بتكوين شبكة لتزوير مستندات رسمية واستخدامها في الحصول على قروض شخصية وبطاقات ائتمان من بنك "بي أن بي باريبا" فرع المنيل، سابقا، «الإمارات دبى الوطنى» حاليا وذلك عن طريق تقديم مستندات مزورة تثبت أنهم من العاملين بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، رغم أن هذه المستندات كانت وهمية، حين تم التزوير بمساعدة آخر مجهول، حيث تم تصنيع محررات مزورة تشمل صور بطاقات الرقم القومي، شهادات تحويل الراتب، قسائم الأجور، وفواتير استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي.

وكشف أمر الإحالة أن المتهم ، أحمد ا، قام باصطناع محررات مزورة تحمل أسماء أشخاص وهميين من العاملين بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، كما نسب تلك المحررات إلى عدة جهات حكومية وشركات خدمات، بما في ذلك شركة شمال وجنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء. استخدم هذه المستندات المزورة للحصول على قروض شخصية وبطاقات ائتمان لصالح المتهمة الثانية، هدى سيد حسن إبراهيم، التي قدمت أوراقًا مزورة للمصرف  عدة مرات متتالية، منتحلة اسم "عبير قرني رمضان".

وأوضح أمر الإحالة، أن المتهمة الثانية طلبت من المتهم الرابع (الموظف بالبنك) الحصول على قرض شخصي وبطاقة ائتمان باسمها وبالأسماء الوهمية الأخرى،  وقد تم منح القروض بناء على هذه المستندات المزورة، مما أدى إلى الاستيلاء على مبلغ 930,205 جنيه من أموال البنك.

كما أن المتهم الأول قام أيضاً بعملية تزوير مشابهة في الفترة من 9 أكتوبر 2013 إلى 3 أبريل 2014، حيث حاول الاستيلاء على أموال البنك بحيلة مشابهة عبر تقديم مستندات مزورة لإثبات وجود قروض شخصية وبطاقات ائتمان باسم أشخاص وهميين.


المتهمة الثانية

اشتركت مع المتهم الأول في تنفيذ الجريمة، حيث قامت بالتوجه إلى البنك عدة مرات، متقدمة مستندات مزورة تثبت أنها موظفة بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، وطلبت قرضًا شخصيًا وبطاقة ائتمان باسمها وبأسماء وهمية، مما أدى إلى الاستيلاء على الأموال المذكورة من البنك.

مع الحكم على المتهمين قبل أيام تتنهي القضية لكن تبقى علامات استفهام كثيرة حول إجراءات العمل وطرق جماية أموال العملاء في بنك الإمارات دبى الوطنى.

تم نسخ الرابط