باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

شيخ الأزهر يطلق مبادرة إفريقية للسلام: خطوة تاريخية نحو وحدة القارة السمراء

صورة من اللقاء
صورة من اللقاء

في خطوة جديدة تعكس الدور العالمي للأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في مواجهة موجات العنف والتوتر الدولي، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، صباح اليوم السبت، السيد محمد إيسوفو، رئيس النيجر الأسبق وعضو مجلس حكماء المسلمين، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الأزهر والمجلس في دعم السلام بالقارة الإفريقية.

جاء اللقاء بمشيخة الأزهر في أجواء يسودها الحوار والتفاهم، وسط توافق على أهمية تفعيل الدور الديني والإنساني في احتواء النزاعات وتخفيف الأزمات التي تشهدها مناطق متوترة من العالم، وفي مقدمتها الساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، حيث تتفاقم الصراعات المسلحة والنزوح الإنساني والمشكلات الاقتصادية.

العالم في مفترق طرق: الطيب يدعو إلى استعادة البوصلة الأخلاقية للأمم

أكد شيخ الأزهر خلال اللقاء أن العالم يمر اليوم بمرحلة خطيرة من الاضطراب وفقدان المعايير الأخلاقية والإنسانية، حتى أصبحت القيم المادية تغلب على القيم الروحية، وتراجعت الإنسانية خلف مصالح ضيقة وصراعات نفوذ وقوة.

وأوضح فضيلته أن الأديان السماوية جاءت لترسيخ الرحمة والتعاون والتعايش، غير أن الواقع العالمي الحالي يشهد انحرافًا عن هذه القيم، مشددًا على أن الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين لن يتراجعا عن أداء رسالتهما الأخلاقية في مواجهة خطاب الكراهية والتعصب، والدعوة الدائمة إلى لغة الحوار والسلام بين الشعوب.

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الأمل لا يزال ممكنًا رغم قتامة المشهد الدولي، مؤكدًا أن هناك ضوءًا في نهاية النفق المظلم، يظهر بين الحين والآخر ليذكّر الإنسانية بقدرتها على تجاوز الحروب والصراعات واستشهد فضيلته بما تحقق مؤخرًا من خطوات إيجابية في دعم القضية الفلسطينية، سواء عبر اعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية، أو من خلال الاتفاق الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ لوقف العدوان على الأبرياء في غزة، مؤكدًا أن هذه التطورات تبعث برسالة قوية مفادها أن الضمير الإنساني لم يمت بعد.

مبادرة الأزهر: لجنة من حكماء إفريقيا لوقف النزاعات وبناء المستقبل

وفي إطار اهتمام الأزهر بالقارة الإفريقية، التي تربطه بها جذورٌ روحية وتاريخية عميقة، أعلن الإمام الأكبر عن مبادرة جديدة تتمثل في إنشاء لجنة من حكماء إفريقيا تضم نخبة من أبرز القادة الدينيين والشخصيات المعروفة بالحكمة والنزاهة، تتولى مهمة تخفيف حدة الأزمات والنزاعات في منطقتي الساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، والعمل على إرساء ثقافة المصالحة والحوار.

وأوضح فضيلته أن الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين سيقدمان الدعم الكامل لهذه اللجنة، سواء من خلال التنسيق الدبلوماسي أو الجهود الميدانية أو تبني برامج التوعية الدينية والفكرية، بما يخدم مستقبل القارة التي وصفها بـ«قارة الذهب»، لما تمتلكه من ثروات بشرية وطبيعية هائلة ينبغي استثمارها في بناء التنمية والوحدة، لا في إذكاء الصراعات والانقسامات.

وشدد شيخ الأزهر على أن القارة الإفريقية بحاجة اليوم إلى مشروع أخلاقي وإنساني جامع يعيد إليها قوتها الذاتية واستقلالها الفكري والسياسي، وأن دور الأزهر سيكون دائمًا في صف الشعوب، داعيًا إلى تعزيز التعليم والتنوير ونشر قيم العدل والسلام بوصفها الضمانة الحقيقية لمستقبل إفريقيا.

رئيس النيجر الأسبق: الأزهر صمام أمان للسلام الإنساني في العالم

من جانبه، أعرب الرئيس الأسبق للنيجر، محمد إيسوفو، عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، مؤكدًا أن حضوره إلى القاهرة ولقاءه بالإمام الأكبر يمثل «لقاءً مع رمز من رموز الاعتدال في العالم الإسلامي».
وأشاد إيسوفو بجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح ونشر القيم الأخلاقية، مشيرًا إلى أن العالم اليوم يعيش أزمة قيم حقيقية، وأن المبادرات التي يقودها الأزهر تعد طوق نجاة للإنسانية في مواجهة الانقسامات الدينية والعرقية والسياسية.

وقال رئيس النيجر الأسبق إن التعاون بين الأزهر ومجلس حكماء المسلمين يمثل نموذجًا فريدًا للشراكة بين الدين والفكر والسياسة لخدمة الإنسان، مؤكدًا أن القارة الإفريقية في حاجة ماسة إلى هذا النموذج لتجاوز أزماتها وتحقيق السلام الدائم

إيسوفو يؤيد مقترح الأزهر لإنشاء لجنة إفريقية للسلام

وفي سياق متصل، رحب إيسوفو بمقترح الإمام الأكبر لتشكيل لجنة من حكماء إفريقيا، مشيرًا إلى أن هذا المشروع سيكون له أثر بالغ في نزع فتيل الصراعات والفتن التي يحاول البعض إشعالها بين دول الجوار الإفريقية.

وأكد أن السلام هو الركيزة الأولى للاستقرار والتنمية، وأن القارة لن تنجح في مواجهة الفقر والمرض والبطالة إلا عبر بناء منظومة متكاملة للسلام العادل. ودعا إلى أن تكون هذه اللجنة مظلة إنسانية كبرى تجمع القادة والحكماء تحت شعار «إفريقيا للسلام لا للحرب».

كما وجّه رئيس النيجر الأسبق دعوة إلى فضيلة الإمام الأكبر لتكثيف زياراته إلى الدول الإفريقية، لما تحمله كلماته من تأثير عميق في نفوس الشعوب الإفريقية، قائلاً:

«صوت الأزهر مسموع في إفريقيا، وهو صوت الحكمة والعقل والتسامح، وصوت يزرع الأمل في قلوب الملايين».

الأزهر ومجلس الحكماء.. دور عالمي متجدد في بناء السلام

يأتي هذا اللقاء في إطار جهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم الدبلوماسية الدينية وتفعيل الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، حيث يسعى المجلس الذي يضم نخبة من العلماء والقادة العالميين إلى وضع حلول فكرية وإنسانية للنزاعات الدولية، انطلاقًا من مبادئ الشريعة الإسلامية الداعية إلى العدل والتعاون والرحمة.

ويعكس اللقاء أيضًا مكانة الأزهر العالمية كمؤسسة رائدة في الدفاع عن القيم الإنسانية الجامعة، ومناصرًا دائمًا لقضايا الشعوب المظلومة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فضلًا عن دوره في بناء جسور التواصل بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، بما يعزز ثقافة السلام المشترك.

تم نسخ الرابط