القناع الذهبي لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف المصري الكبير.. كواليس النقل واستعدادات الافتتاح الأسطوري

بين أنفاس الصباح الهادئة عند سفح الأهرامات، استقر القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون في موضعه الأخير داخل المتحف المصري الكبير، ليعلن بداية فصل جديد في رحلة امتدت قرنًا من الزمان بين وادي الملوك وميدان التحرير وصولًا إلى الجيزة.
لم يكن نقل القناع مجرد عملية فنية دقيقة، بل لحظة تاريخية تختصر جهود دولة بأكملها لإعادة تقديم الحضارة المصرية للعالم في أبهى صورها، استعدادًا لافتتاح يُوصف بأنه الأضخم في تاريخ المتاحف الحديثة.
رحلة القناع الذهبي إلى مقره الجديد
أكدت مصادر بوزارة السياحة والآثار أن عملية النقل تمت بإشراف فرق متخصصة في الترميم والتغليف والنقل، وفق أحدث المعايير العالمية لحماية الآثار.
واستغرقت العملية أسابيع من التحضير والتجارب المسبقة قبل أن يصل القناع إلى قاعته المخصصة بالمتحف المصري الكبير، في خطوة وُصفت بأنها “الأكثر دقة منذ اكتشاف المقبرة الملكية عام 1922”.
القناع الذي ظل لعقود في المتحف المصري بالتحرير، ينتقل اليوم إلى قاعة مجهّزة بأحدث أنظمة العرض والإضاءة والتأمين، ليكون جزءًا من رؤية شاملة تهدف لتوحيد عرض مقتنيات الملك الشاب في مكان واحد للمرة الأولى.
قاعة الملك الشاب.. رحلة عبر الزمن
تضم قاعة الملك توت عنخ آمون أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية تُعرض ضمن تجربة رقمية تفاعلية تسمح للزائر بالتجول داخل عالم الملك كما لو كان داخل مقبرته.
مصادر بالوزارة أوضحت أن التصميم الجديد للقاعة يمنح الزائر تجربة تستغرق أكثر من ساعتين بين مجوهرات الملك ومركباته وتماثيله ومقتنياته الشخصية، مع شاشات رقمية تشرح تاريخ كل قطعة وموقع اكتشافها.
تصميم عالمي يليق بعظمة الحضارة
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن التصميم الهندسي للمتحف اختير عبر مسابقة عالمية شارك فيها 50 مكتبًا من 30 دولة.
ويُجسّد المتحف، بحسب غنيم، رؤية مصر 2030، بوصفه “هدية مصر للعالم”، مشيرًا إلى أن الزائر سيبدأ جولته بمشاهدة المسلة المعلقة وتمثال رمسيس الثاني، ثم يصعد “الدرج العظيم” الذي يعرض تماثيل الملوك في رحلة رمزية نحو الخلود.
توت عنخ آمون.. البطل الرئيسي للمتحف
أكد غنيم أن مقتنيات الملك توت عنخ آمون تُعرض كاملة لأول مرة بعد ترميمها، في قاعتين رئيسيتين تحملان موضوعي “الهوية والبعث والخلود”.
كما يضم المتحف قاعة مراكب الملك خوفو، حيث تُعرض إحدى المراكب الأصلية بطول 44 مترًا، فيما يشاهد الزائر عملية ترميم وتجميع المركب الثاني أمامه في تجربة تفاعلية فريدة.
تكنولوجيا حديثة وتجربة تفاعلية متكاملة
يضم المتحف مركز ترميم عالميًا بـ19 معملًا ومناطق مخصصة للمطاعم والمحال التجارية ومتحفًا للطفل، إلى جانب تجربة الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي تمنح الزائر رحلة رقمية في قلب الحضارة المصرية.
كما سيُتاح للجمهور مشاهدة 1700 قطعة أثرية تُرمم مباشرة أمامهم، في مشهد يُبرز شفافية العمل الأثري ودقته.
الاستعداد للحدث العالمي المنتظر
وقال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن الاستعدادات اللوجستية والفنية للحدث قد اكتملت بالكامل، مؤكدًا أن مصر تلقت تأكيدات حضور من عدد كبير من قادة وزعماء العالم.
وأوضح أن اختيار موعد الافتتاح ليكون يوم السبت جاء لتسهيل حضور الوفود الدولية، لافتًا إلى أن منح إجازة رسمية بمناسبة الافتتاح ما زال قيد الدراسة.
تذاكر الدخول.. تنوع وفئات متعددة
أعلنت هيئة المتحف أسعار التذاكر بعد الافتتاح الرسمي على النحو التالي:
للمصريين:
البالغون: 200 جنيه.
الأطفال والطلاب وكبار السن: 100 جنيه.
للعرب والأجانب:
البالغون: 1450 جنيهًا.
الطلاب والأطفال: 730 جنيهًا.
للمقيمين:
البالغون: 730 جنيهًا.
الطلاب والأطفال: 370 جنيهًا.
أما الجولات الإرشادية فجاءت كالتالي:
350 جنيهًا للمصريين، و1950 للأجانب، و980 للمقيمين.
افتتاح بحجم مصر وتاريخها
أكد الدكتور أحمد غنيم أن الافتتاح سيكون “حدثًا عالميًا بكل المقاييس”، بحضور قادة وزعماء العالم، ليصبح المتحف المصري الكبير أكبر صرح ثقافي وأثري في العالم، بمساحة عرض تعادل أربعة أضعاف ملعب كرة قدم.
واختتم قائلاً: “المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى يعرض آثارًا.. إنه رواية متكاملة عن الإنسان المصري، من أول نقش على جدار حتى آخر رمز في الحضارة الحديثة”.