اتهام أممي يهز باريس: لجنة حقوق الطفل تتهم فرنسا بانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين القُصر

انتقادات حادة طالت فرنسا بعد صدور تقرير أممي يتهمها بارتكاب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم.
اللجنة الأممية لحقوق الطفل أكدت أن هؤلاء القاصرين يعيشون في ظروف “مزرية”، ويُحرمون من الحماية الأساسية بسبب أخطاء في تقييم أعمارهم، ما يجعل الكثير منهم عرضة للتشرد والعنف وسوء المعاملة.
تقرير أممي صادم يكشف قصورًا هيكليًا
اللجنة الأممية لحقوق الطفل أصدرت الخميس تقريرًا اعتبرت فيه أن فرنسا فشلت في حماية آلاف الأطفال المهاجرين غير المصحوبين بذويهم.
التقرير أوضح أن الإجراءات الإدارية لتقييم أعمار المهاجرين تعاني خللًا خطيرًا أدى إلى تصنيف العديد من الأطفال بشكل خاطئ على أنهم بالغون، وهو ما حرمهم من دخول نظام حماية الطفولة الفرنسي.
وأكدت اللجنة أن هذا الخلل ترتب عليه حرمان هؤلاء الأطفال من المأوى والرعاية الصحية والتعليم، مما جعلهم عرضة للاستغلال والعنف وحتى الاتجار بالبشر.
قُصر بلا مأوى يعيشون في ظروف قاسية
الخبراء الأمميون تحدثوا عن أعداد كبيرة من الأطفال المهاجرين يعيشون في الشوارع، بعد استبعادهم من برامج الرعاية الرسمية.
التقرير وصف أوضاعهم بأنها مؤذية وغير إنسانية، مشيرًا إلى أن العديد منهم ينامون في العراء أو في مخيمات غير رسمية دون طعام كافٍ أو مياه صالحة للشرب.
كما حذر التقرير من غياب إحصاءات رسمية دقيقة توضح حجم الكارثة، مؤكدًا أن الظاهرة “واسعة النطاق ومستمرّة”، وتشير إلى عجز الدولة الفرنسية عن الوفاء بالتزاماتها الإنسانية تجاه هؤلاء الأطفال.
انتهاكات تمتد إلى التعليم والحرية
اللجنة المؤلفة من 18 خبيرًا مستقلاً خلصت إلى أن باريس انتهكت بنود اتفاقية حقوق الطفل الدولية، بعد حرمان القاصرين المهاجرين من حقهم في التعليم والرعاية الصحية، واحتجاز بعضهم لأسباب تتعلق بالهجرة.
كما أشار التقرير إلى أن الأطفال المهاجرين الذين يمرون عبر فرنسا في طريقهم إلى بريطانيا يتعرضون للاعتقال التعسفي في المطارات ومراكز الحدود، ما ينعكس سلبًا على صحتهم العقلية ويزيد من معاناتهم النفسية.
نسبة أخطاء مرتفعة في تحديد الأعمار
اللجنة كشفت أن ما بين 50% و80% من قرارات تقييم العمر كانت خاطئة، وتم لاحقًا تصحيحها بعد تدخلات قانونية، وهو ما يؤكد أن النظام الحالي “يفتقر للعدالة والدقة”.
ووثّقت اللجنة حالات لأطفال حُرموا من حريتهم بشكل غير متناسب، محذّرة من أن استمرار تلك الانتهاكات قد يضر بصورة فرنسا كدولة تُنادي بحقوق الإنسان.
دعوة أممية لتصحيح المسار
اللجنة الأممية طالبت باريس باتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير سكن وغذاء ومياه آمنة لجميع الأطفال المهاجرين، وضمان عدم بقاء أي طفل في الشوارع أو المخيمات غير الرسمية.
كما شددت على ضرورة إصلاح نظام تقييم الأعمار وتدريب المسؤولين على التعامل الإنساني مع الأطفال القادمين من مناطق النزاع.
رد باريس: خطة إصلاح حتى 2027
في المقابل، ردت الحكومة الفرنسية على التقرير مؤكدة أن الخطة الاستراتيجية 2023-2027 للحماية القضائية للشباب تهدف إلى تعزيز الدعم للفئات الأكثر هشاشة، وبينها القُصّر غير المصحوبين بذويهم.
وأكدت باريس أنها تعمل على تحسين التنسيق بين مؤسسات الدولة والجمعيات المختصة لتأمين الرعاية اللازمة، غير أن المنظمات الحقوقية تعتبر هذه الخطط “غير كافية” ولا تتناسب مع حجم الأزمة الإنسانية.
الانتقادات الأممية وضعت فرنسا في موضع المساءلة الدولية، بعدما ظلت لسنوات ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان.
وبين اتهامات الأمم المتحدة وتبريرات باريس، يبقى آلاف الأطفال المهاجرين في شوارع فرنسا يدفعون ثمن البيروقراطية والتقاعس الإنساني، فيما تتزايد الضغوط على الحكومة لإصلاح ما تصفه منظمات الإغاثة بأنه وصمة في جبين الدولة الفرنسية.