عمرو عامر يكتب: السيسي ورجال الله في الأرض

في حياة ومسارات الدول والأمم والشعوب غالبًا ما يقفز تساؤلا حول الدور الذي يلعبه القدر أو العناية الإلهية في توجيه الأحداث الكبرى وتعيين قادة يقودون سُفن البلاد في عين العواصف وقلب الخطر.. وفي سياق التجربة المصرية الحديثة كل الدلائل و«البشارات» تؤكد أن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم لم يكن مجرد «صدفة سياسية» عابرة، بل كان قدرًا اختاره ليضطلع بمهمة تاريخية جسيمة في لحظة فارقة من عمر هذا الوطن.
هذه الرؤية ليست مبالغة ولم تتجاوز الإسراف في شيء بل واقع على الأرض وعصارة قراءة معمقة لسياق الأحداث، التي مهدت لوصوله والتحديات الهائلة التي واجهها ويواجهها، والإنجازات التي تحققت على يديه، وكلها تقول إنها خطوات مباركة ومشمولة بقوة إلهية ورعاية ربانية ورضا سماويا.
لا يمكن فهم هذا التصور كما قلنا إلا باستحضار الظرف التاريخي الذي شهدته مصر في العام 2013 وماقبله وما بعده، حيث كانت البلاد على شفا هاوية من السقوط وتكاد تعصف بها اضطرابات سياسية وأمنية غير مسبوقة، وتحاصرها مؤامرات لا أول لها ولا آخر، وتكاد تنهار مؤسساتها الوطنية تحت وطأة الاستقطاب الحاد ومحاولات تفكيك الدولة وتغذية الفوضى الخلاقة وتمويل الخراب...
بلاشك في تلك اللحظة الحرجة كان الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بصفته وزيرًا للدفاع وقتها هو الشخصية التي تصدرت المشهد بناءً على تفويض شعبي جارف غير مسبوق في التاريخ المصري الحديث... وأمام عدسات الدنيا خرجت ملايين الجماهير في 30 يونيو 2013 لتطالب بتدخل القوات المسلحة لحماية الهوية الوطنية والدولة المدنية ووحدة الوطن ووقف بيع على نواصي مكتب الإرشاد، وهو ما يراه المؤيدون دليلاً على أن المشيئة الإلهية سخرت هذه القوة الشعبية الجارفة لتضع المسؤولية على عاتق الشخص الأقدر على تحملها.ط
هذا التفويض الجماهيري الضخم لم يكن ليحدث لولا شعور عميق لدى المصريين بأن الأمن القومي المصري في خطر وجودي.. ومن هنا يترسخ الاعتقاد بأن العناية الإلهية اختارت الفريق أول السيسي ليقوم بدور «المنقذ»، وحمل الأمانة التي تنأي بها الجبال.. هو «المختار» الذي يستطيع أن يعيد لُحمّة الوطن وأن يلملم شتات المصريين ويعيد تقويم مؤسسات الدولة، التي شارفت على الانهيار، ويحمي البلاد من مصير الفوضى التي ألمت ببعض دول الجوار.. لم يكن الوصول إلى السلطة هدفًا شخصيًا على الإطلاق بل كان استجابة لنداء الوطن الذي تجسد في الإرادة الشعبية وتحت ضغط ثقل المهمة والتحديات الكبرى.
لايخالج الشك أحدا أن الإيمان بأن اختيار الرئيس السيسي كان قدرًا مقدرًا تؤكده ضخامة التحديات وهول الأحداث التي كان عليه مواجهتها فور توليه الرئاسة وكان مطلوبا منه أن يسابق الزمن للقضاء على الإرهاب الذي استشرى في سيناء ومناطق أخرى، وتهديدات الحدود المشتعلة وترميم الاقتصاد المنهار الذي عانى عقودًا من التراكمات السلبية وأربع سنوات من الاضطرابات، وبلا مبالغة كانت هذه التحديات بحجم دولة تخرج من حرب، بل إنها تطلبت قرارات حاسمة وجريئة ما كان ليتخذها إلا قائد يتمتع بصلابة وإيمان راسخ بربه وبواجبه تجاه شعبه.
الصبر والجلد والإيمان الذي أظهره الرئيس السيسي في مواجهة هذه التحديات، وتحمله لعبء اتخاذ إجراءات إصلاحية اقتصادية صعبة، هي سمات لا تتوفر إلا في شخص أُعدّ لهذه المهمة الخاصة وأختير لها فبدء مشروعات قومية عملاقة مثل قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وشبكة الطرق القومية، وإصلاح البنية التحتية، وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية وبناء وتطوير القوات المسلحة لتدلل على رؤية استراتيجية بعيدة المدى لإعادة بناء الدولة المصرية الحديثة، وليس مجرد إدارة أزمات يومية... هذه الإنجازات في رأي كثيرين معجزات في سنوات قليلة، وفي وقت انتهي فيه زمن المعجزات لكنها تُفسر بأنها توفيق إلهي لجهود مخلصة قادها شخص اختير لتحقيقها ومشمولة ببعد روحي ونفحات إلهية.. فالله رجال صدقوا ماعاهدو الله عليه.