أسعار الفائدة قبل نهاية 2025.. أمريكا تقود الخفض وأوروبا تراقب واليابان تغرّد خارج السرب

تتحرك السياسة النقدية العالمية في مسار دقيق خلال الأشهر المتبقية من عام 2025، حيث يبدو أن موجة خفض أسعار الفائدة التي يقودها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تستعد لاجتياز مرحلة جديدة، بينما تتخذ البنوك الأوروبية موقع المراقب الحذر في انتظار وضوح مسار التضخم.
وبحسب تحليل صادر عن "بلومبرج إيكونوميكس"، فإن نحو 15 بنكًا مركزيًا من بين 23 حول العالم مرشحة لتقليص تكاليف الاقتراض خلال ما تبقى من العام، في حين يتجه بنك اليابان وحده نحو رفع أسعار الفائدة، بينما تحافظ بقية المؤسسات على ثبات سياستها النقدية مؤقتًا.
الفيدرالي الأميركي
يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مسار خفض أسعار الفائدة الذي بدأه في سبتمبر الماضي، مع توقع تنفيذ خفضين إضافيين قبل نهاية 2025، ليصل سعر الفائدة إلى نحو 3.75%، لكن وتيرة التراجع ستكون بطيئة وحذرة، في ظل ترقب تأثير الرسوم الجمركية التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها على شركاء تجاريين كبار، وسط تحذيرات من انعكاسها على الأسعار المحلية.
ويرى محللو "بلومبرج إيكونوميكس" أن الفيدرالي يسير على حبل مشدود، حيث إن خفض سريع قد يشعل التضخم، وتأخير طويل قد يضعف سوق العمل، كما يزداد المشهد تعقيدًا مع تصاعد التوتر السياسي بشأن مستقبل رئاسة البنك بعد اقتراب انتهاء ولاية جيروم باول في مايو المقبل.
توقف مؤقت في أوروبا
في المقابل، اتخذت أوروبا الغربية منحى أكثر تحفظًا، فمن فرانكفورت إلى لندن وأوسلو، يبدو أن البنوك المركزية فضّلت التوقف عن خفض الفائدة مؤقتًا لتقييم قوة التضخم، حتى سويسرا التي اتجهت لتخفيض نهائي محدود، تتعامل مع القرار كخطوة قصيرة الأجل، بحيث لا تعني بالضرورة بداية دورة جديدة.
وفي منطقة اليورو، يرى البنك المركزي الأوروبي أن التضخم يقترب من هدف 2%، ما يمنح صانعي السياسة النقدية بعض الثقة في إبقاء الفائدة مستقرة عند 2% حتى إشعار آخر، أما في بريطانيا، فيواجه بنك إنجلترا تحديًا مزدوجًا بين احتواء التضخم الذي لا يزال حول 4%، والحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي، وسط انقسامات حادة بين أعضاء لجنة السياسة النقدية حول توقيت أي خفض جديد.
استثناء ياباني وسط حذر صيني وهندي
وفي آسيا، تسير الصورة في اتجاهات متباينة، حيث إن بنك اليابان يتهيأ لرفع الفائدة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، مدعومًا بثبات التضخم فوق 3% واستقرار الين، بينما يواصل بنك الشعب الصيني سياسة "التيسير المتوازن"، إذ يُرجّح أن يُقدم على خفض طفيف في الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي بنهاية العام، مع الحرص على تجنب تضخم مفرط في أسواق الأسهم.
أما الهند، فتبدو أكثر ميلاً للتريث، رغم أن تراجع الضغوط السعرية يفتح الباب أمام خفض محتمل في ديسمبر المقبل، بعد أن رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع والخدمات الهندية.
الحفاظ على معدلات الفائدة المرتفعة في أميركا اللاتينية
تميل البنوك المركزية في البرازيل والمكسيك إلى الحفاظ على معدلات الفائدة المرتفعة مؤقتًا، لضمان السيطرة على التضخم رغم تباطؤ النمو.
روسيا
يحد العجز المالي وتكاليف الحرب من قدرة البنك المركزي على المضي في خفض جديد بعد أن تراجع السعر الرئيسي إلى 17%.
تثبيت بجنوب أفريقيا وخفض تدريجي بنيجيريا
وفي أفريقيا، تبقي جنوب أفريقيا على الفائدة عند 7% لحماية عملتها وكبح التضخم، بينما تبدأ نيجيريا دورة خفض تدريجية بعد تراجع الأسعار واستقرار العملة المحلية، مع توقع استمرار التيسير في 2026.
خفض في تركيا وإندونيسيا
يواصل البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة تدريجيًا رغم التحديات السياسية وتذبذب سعر الليرة، متوقعًا أن تصل الفائدة إلى 35% بنهاية العام.
بينما في إندونيسيا، يتحرك البنك بخطوات أكثر جرأة بالتنسيق مع الحكومة لدعم الاقتصاد بعد احتجاجات شعبية، مع احتمال خفض جديد للفائدة خلال الربع الأخير من العام.