رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

"طابة" تناقش الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني بين الفرص والتحديات

الشيخ أحمد حسين الأزهري
الشيخ أحمد حسين الأزهري

نظّمت مبادرة سند، إحدى مبادرات مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات، مساء الأربعاء، أمسية فكرية بعنوان «الخطاب الديني والذكاء الاصطناعي بين الفرص والتحديات»، قدّم خلالها الشيخ أحمد حسين الأزهري، الباحث الزائر بالمؤسسة، رؤية تحليلية لتأصيل الخطاب الديني في ظل تحوّلات التكنولوجيا الحديثة، مع إبراز الفرص والمخاطر التي يطرحها الذكاء الاصطناعي.

استعرض الأزهري مفهوم التقنية باعتبارها «ميتافيزيقا متجسّمة»، تنبع من حاضنة فلسفية تحدّد نظرة الإنسان والمعرفة والغاية قبل أن تتجسّد في أدوات رقمية ومنصات. وأوضح الفارق بين التقنيات الشاملة كالهواتف والإنترنت والذكاء الاصطناعي، التي تعيد تشكيل أنماط الحياة والعلاقات والعمل، والتقنيات المتخصّصة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، والتي يبدو أثرها قطاعيًا لكنها تغيّر على المدى الطويل ممارسات ومؤسسات بأكملها.

كما طرح «أسئلة اختبار» لأي أداة رقمية: ما الصورة الضمنية للإنسان التي تفترضها؟ ماذا تيسّر وماذا تعسّر؟ من المستفيد الأكبر؟ من يتحمّل ثمن الخطأ؟ وأين تذهب البيانات وكيف يمكن استغلالها لاحقًا؟

قدّم الأزهري إطارًا دقيقًا لتعريف الخطاب الديني بوصفه فعلًا تواصليًا مقصودًا لنقل علم أو عمل مستند إلى الشريعة، يصدر عن أهلية معتبرة، صحيح النسبة إلى الكتاب والسنة، مع مراعاة حال المخاطب والسياق ووسائل البلاغ. وفصّل العناصر الستة المكوّنة له: المتحدث، المقصد، المضمون، المتلقي، الوسيلة، والسياق.

كما ربط ذلك بدراسات عالمة الاجتماع الأمريكية سوزان لي ستار حول «البنية التحتية»، مستعرضًا الخصائص التسع التي تميزها مثل: الانغراس، الشفافية، النطاق، التعلم بالعضوية، تجسيد المعايير، البناء على قاعدة مثبتة، انكشاف البنية عند العطل، والتغير المتدرج. 

وأكد أن هذه الخصائص تُعد عدسة نافعة لفهم «البنية التحتية» للخطاب الديني في عصر المنصات والخوارزميات.

شهدت الأمسية فقرة أسئلة وأجوبة اتسمت بتفاعل كبير من الحضور، الذين طرحوا تساؤلات حول سبل توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم والتأصيل الديني، وآليات تحصين الخطاب من الوقوع في «أتمتة» تُضعف الملكات الفكرية وتربك المعايير الشرعية.

خلصت المناقشات إلى أن التحدي في جوهره ليس تقنيًا محضًا، بل هو تحدي بنية ومعنى: كيف يُبنى خطاب ديني رصين يتسع للأدوات الذكية دون أن يقع أسيرًا لها، مع الحفاظ على أصالة المرجعية الشرعية في مواجهة تحوّلات العصر الرقمي.

تم نسخ الرابط