أسبوع حاسم للفيدرالي الأمريكي وسط ضغوط سياسية وتشكيك في استقلاليته

يواجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع اجتماعا بالغ الأهمية في ظل تحديات تاريخية تمس استقلاليته، مع نظر القضاء في محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزل عضو مجلس المحافظين ليزا كوك، وفي الوقت نفسه تسريع جهود الكونجرس لتأكيد ترشيح ترامب لعضو جديد بمجلس المحافظين.
وتُعد محاولة عزل كوك أول اختبار من نوعه لاستقلالية البنك المركزي الأمريكي ، ما قد يربك صورته أمام الأسواق العالمية، في مؤسسة عُرفت تقليديًا بالنقاشات الفنية المعقدة بعيدًا عن السياسة، لم يعد واضحا حتى الآن من سيشارك في التصويت خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المقرر يومي 16 و17 سبتمبر، بحسب ما نقلته صحيفة "يو إس نيوز" الأمريكية.
وقال خبير السياسات الاقتصادية ديريك تانج: "سيكون هذا تحولا كبيرا للفيدرالي، الذي اعتاد دائما على الحفاظ على مسافة صحية من السياسة.. لكن من المرجح أن يُنظر إلى المحافظين الآن من زاوية الجهة التي عيّنتهم، وليس كأشخاص يُفترض أن يتخذوا قرارات حيادية قائمة على البيانات الاقتصادية".
ورغم هذه الأزمة، لا يتوقع أن تتأثر النتيجة النهائية للاجتماع، حيث يُرجح أن يُقرر صناع السياسات خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية من مستواه الحالي بين 4.25% و4.50%، في أول خفض منذ ديسمبر 2024، إلا أن التطورات قد تمثل بداية لإبراز بصمة ترامب على قرارات الفيدرالي، ما يعيد تشكيل صورته لدى الرأي العام والمؤسسات المالية العالمية.
وبحلول الثلاثاء، قد يكون مبدأ الاستقلالية الذي تمسك به الفيدرالي لعقود قد تعرض لانتكاسة إذا ما قضت محكمة الاستئناف بتمكين ترامب من عزل كوك، وفي حال تأكيد تعيين مرشحه ستيفن ميران، رئيس مجلس مستشاريه الاقتصاديين المعروف بانتقاداته الحادة للفيدرالي، فإنه قد يؤدي اليمين الدستورية ويشارك في النقاشات فورا.
ووفقا للصحيفة، تعد المسألة الجوهرية المتعلقة هي مدى أحقية ترامب في عزل كوك بسبب ما اعتبره "بيانات كاذبة" في طلب رهن عقاري قبل انضمامها للفيدرالي، وهي قضية يبدو أنها في طريقها إلى المحكمة العليا الأمريكية، لكن في هذه الأثناء خلصت القاضية الفيدرالية جيا كوب إلى أن ترامب غير مرجح أن ينجح في مسعاه، وسمحت لكوك بالبقاء في منصبها إلى حين الفصل النهائي.
وطلب ترامب من محكمة الاستئناف السماح بالمضي قدمًا في العزل لحين حسم النزاع، ومن المتوقع أن تصدر هيئة من ثلاثة قضاة حكمها قريبًا. أما الفيدرالي فأكد أنه سيلتزم بأي قرار قضائي يصدر.
في الوقت نفسه، فإن ترشيح ميران لملئ المقعد الذي شغر فجأة الشهر الماضي بعد استقالة أدريانا كوجلر، يسير بخطى متسارعة، حيث يُنتظر أن يُطرح للتصويت في مجلس الشيوخ، غدا الاثنين، وقد يؤدي اليمين الدستورية قبل بدء جلسات الفيدرالي الثلاثاء.
من المتوقع أن يتركز نقاش الاجتماع على أوضاع سوق العمل الأمريكية التي أظهرت مؤشرات ضعف أكبر مقارنة بآخر اجتماع في يوليو، في وقت لا تزال فيه معدلات التضخم أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%، نتيجة بالأساس لسياسات الرسوم الجمركية العدوانية التي يفرضها ترامب، كما يتوقع محللون أن تكون هشاشة سوق العمل الهم الأكبر لصناع السياسات في هذا الاجتماع.